إقليم برقة و الحرمان النسبي لايؤدي الحرمان تلقائيا إلي الثورة عليه, بل تتوقف تلك الثورة في المقام الأول علي عدة شروط متكاملة, أولها ان يعي المحروم ان ظلما قد وقع عليه بمعني أنه قد نال أقل مما يستحق, وأن يوقن أن بمقدوره رفع هذا الظلم, فبدون توافر هذين الشرطين أي الوعي والإمكانية يظل المحروم إما غارقا في سعادة موهومة, أو أسيرا لتشاؤم يعجزه عن الحركة, وفي الحالتين يبقي الظلم علي ماهو عليه, سواء كان حرمانا من العدل أو من الحرية أو من الحق في حياة أفضل. وقد يتساءل البعض, هل ثمة محروم ولايدري بحرمانه؟ ويكفي أن ننظر حولنا لنكتشف أن من المحرومين من يظنون أنهم مثل غيرهم من البشر أو أن الفروق بينهم وبين غيرهم لاتمس الجوهر, ومن المحرومين من ألقي في روعهم أن تلك هي سنة الحياة ومن ثم فإن التمرد علي أوضاعهم لا طائل وراءه سوي الشقاء في الدنيا والعذاب في الآخرة, وأنه لاسبيل سوي الاستسلام بل والرضا, ولاتبدأ مناهضة الظلم إلا مع اكتشاف المحروم أن ظلما قد وقع عليه, وهو لايكتشف ذلك إلا من خلال مقارنة أحواله بأحوال أقرانه من بني البشر, آنذاك يبدأ مايطلق عليه الوعي بالحرمان. [1] يعد التفسير ا...