الفدرالية ... حل أزمة الأمة الليبية...

بقلم /سناء عبدالعزيز

النظام الفدرالي سيكون هو النظام الأمثل للأمة الليبية فهو الأنجح فى علاج المشاكل التالية:

1-المساحة الجغرافية الكبيرة جداً مقارنة بعدد السكان ،مما يجعل ليبيا شبيها بقارة ...فالمعلوم أن القردافي كان يحكم ليبيا بقوة السلاح ،أما إمكانية صياغة نظام ديموقراطي يستطيع السيطرة على هذه القارة دون أن يكون فدرالياً يكاد يكون ضرباً من المستحيل.

2-أزمة ثقة ... أكثر المركزيين تنازلاً يفكرون في وضع نظام سياسي مركزي ،مع صياغة بعض القوانين الحكومية التى تحقق لامركزية الإدارة ،إذا كنا فى بلد يعيش ظروف طبيعية فربما يقبل الليبيين ذلك ،لكن ونحن قبل أشهر قليلة من الآن كنا نسيّر الجيوش لنحتل بعضنا بعضاً !

لذا فمن المستحيل قبول هذا الترتيب ،أو نجاحه...وعدم إعترافنا بوجود أزمة الثقة هذه لن يأخذنا قيد أنملة إلى الأمام.

إن تأسيس دستور وهياكل الحكم لأمة يُبنى على توفير أكبر قدر ممكن من الثقة والأمان لجميع الأطراف بما فيها الأقليات ، وهذه الفكرة المشوهة لا توفر أي ثقة أو أمان...

3-الفساد :من المعلوم أن ساسة ليبيا اليوم ومن بيدهم رسم النظام القادم هم خريجي المدرسة الفاسدة للنظام المركزي الشمولي السابق ،هؤلاء المسؤولين مجبولين على الفساد فقد مارسوه لعقود متواصلة وأصبح جزء من شخصيتهم الإدارية ، لذا لا أحد من الشعب الليبي يضمنهم أو يثق فى ممارساتهم ،إضافة إلى البيئة الإدارية الفاسدة والخالية من جميع الأسس الرقابية وعناصر الحكم المؤسسي الرشيد،وبالتالي نحتاج إلى نظام يحوي أكبر قدر من اللامركزية المضمونة دستورياً حتى نتمكن من الحد من تأثير الفساد على صياغة وبناء وتنفيذ النظام القادم ... فكلما كان مركّباً من وحدات منفصلة قلّ تأثير الشخوص وأمكن بناءه بأسلوب مؤسسي رقابي رشيد.

4-فوضى السلاح والميليشيات المسلحة :في نظام مركزي شمولي لا أحد يضمن أن تقوم هذه الميليشيات بتسليم سلاحها والانصهار في سلطة الدولة ،بل ربما تفكّر بعضها في المناطق البعيدة في الاستحواذ على مساحات من الأرض والانفصال بها ، بينما في حالة صياغة نظام فدرالي فإن الميليشيات ستكون قريبة من مركزها (الولاية) وجزء منه ،ويكون انصهارها في سلطة الإقليم الذي تنتمي إليه جهوياً أمراً مفروغاً منه وبإمكان سلطة الإقليم تحقيقه.

5-حجم المصروفات على الحكومة فى النظام الفدرالي أكبر منه في حالة الحكومة المركزية ،هذا في الدول التي تمارس آليات حكم مؤسسي واضحة وسليمة ، إنما في الحالة الليبية فإن النظام المركزي الشمولي أثبت وخلال العقود الماضية وحتى قبل انقلاب 69 المشؤوم أنه يأكل الأخضر واليابس لدرجة أننا كـ ليبين لا نعلم أساساً أين تذهب ملياراتنا من العائدات النفطية !

أليس إقرار نظام بنفقات واضحة وهياكل منظمة عادلة أكثر ضماناً للثروة الليبية من الاستمرار فى نظام مركزي شمولي احتوائي ضبابي ومصّاص للمال...

6-النفط:أكاد أجزم أن معظم الرافضين للفدرالية وإن تحججوا"بالشماعة الوطنية" فإن الكنز النفطي يأحذ معظم تفكيرهم واهتمامهم ...

النفط هو المصدر الأساسي للثروة الليبية وبالتالي يجب أن يكون ثروة سيادية ،ولعلّ الرافضين للفدرالية لديهم حساسية مفرطة حيال مبدأ (الإشتقاق) ،وهو (أن المستوى الحكومي الذي يعتبر مصدراً لإيرادات معينة قد يكون له حق خاص في جزء من هذا الإيراد أو كله) ، بجعلنا النفط ثروة قومية مضمونة دستورياً فهذا فى حد ذاته يحمل طمأنة لجميع الأطراف ، كما أن المتحسسين من مبدأ الإشتقاق عليهم أن يكونوا أكثر عدلاً وموضوعية حيال حصول الولايات المنتجة للنفط (برقة وفزان)على بعض التفضيل ،فالنفط يخرج من تحت أقدام سكان هذه الولايات ،مع الأخذ بالاعتبار أنه جرى حرمان وتهميش هذه الولايات من العائدات النفطية بسبب المركزية طوال عقود مضت،وبالتالي لما لا نعتبر هذا التفضيل (الغير مهم) بمثابة تعويض لهاتين الولايتين ،كذلك يجب ألا نهمل أن الحكومة المركزية (الإتحادية) سيكون مقرها ولاية طرابلس وسيكون الإنفاق المركزي هناك مما يعطي تمييز لهذه الولاية عن ولايتي فزان وبرقة.

مع العلم أن المرونة الموجودة فى النظام الفدرالي تمكننا من صياغة الدستور والقوانين الملائمة للتحكّم فى الإيرادات وإعادة توزيعها بما يضمن العدل بين الولايات الثلاث ، ومع الأخذ بعين بالاعتبار أهمية أن ليبيا بلد غني جداً...

إن الدفاع الأساسي للفدراليين هو أن السلطة الإنفاقية تمكّن النظام الفدرالي من التكيّف والإستجابة للظروف المتغيرة والاحتياجات الوطنية.

7-حمّى الانفصال التى بدأت تراود الكثير من المتعصبين في الولايات الليبية الثلاث مدفوعين أساساً بحرمانهم من حقوقهم وتهميشهم ،إضافة إلى تعنّت الساسة الليبيين ورفضهم القبول بوجود ثلاث كيانات بثلاث هويات إقليمية قائمة على الأرض ظهر الاعتراف بها بوضوح في الدستور الشرعي للأمة الليبية وهي (برقة ،فزان،طرابلس)، وليبيا أساساً عقد شراكة شرعي وعادل بين هذه الكيانات الثلاث.

إخوتي ... إن النقاش الموضوعي يفيدنا ويساعدنا على بناء ليبيا بالشكل الذي يضمن أكبر قدر ممكن من النجاح لمشروعنا المصيري ،لذا أدعوكم إلى البحث والنقاش والأخذ والرد مع تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والجهوية والإقليمية ... واضعين بالاعتبار أننا نبني نظام على مقاس ليبيا ولعقود وربما قرون قادمة ... والله الموفّق...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأمثال الشعبية الليبية

غـــنـــــاوي وشـــتـــــاوي على ( الــــقــــــديـــــــم )

ما بي مرض غير دار العقيلة.. للمجاهد الفقيه رجب بوحويش