معتقلات الفاشية في برقة





It happened in Cyrenaica
معتقلات الفاشية في برقة
Italian concentration camps in Cyrenaica




A map showing the location of concentration camps
خريطه توضح امكان الاعتقال




لا توجد في التاريخ ملاحمه سوي معتقلات الفاشية في ليبيا ومعتقلات النازية للبولنديين واليهود لقد شهادة هذه الأرض و لأول مرة في تاريخ البشرية يعتقل فيه البدوي دخل أسلاك الاعتقال أنها اكبر جريمة في تاريخ البشرية فهل من المقبول إن تفلت ايطاليه من العقب علي هذا الماضي الأسود
لقد مات أجدادي في هذه المعتقلات نريد القصاص.


في شرق ليبيا خلال مرحلة لاحقة من احتلالها لهذا البلد. بعد الغزو الأولي في عام 1911 ، ظلت السيطرة الايطالية على جزء كبير من البلد غير فعالة. في مواجهة المعارضة المسلحة العربية ، وخاصة في برقة تحت قيادة عمر المختار ، شنت القوات الايطالية بيترو بادوليو في إطار العام ، ورودولفو غراتسياني حملات عقابية التهدئة التي تحولت إلى أعمال وحشية ودموية من القمع.






The barb wire constructed by the fascists at the the Libyan Egyptian border

على أسلاك الحدود ، تم بناء سياج من الاسلاك الشائكة من البحر المتوسط الى واحة آلجغبوب بقطع خطوط حرجة للمقاومة. بعد ذلك بوقت قصير ، بدأت الإدارة الاستعمارية الترحيل الجماعي للشعب الجبل الأخضر لحرمان المتمردين من دعم السكان المحليين. انتهت الهجرة القسرية من أكثر من 100،000 شخص في معسكرات الاعتقال في سلوق ،مقرون ، أبيار والعقيلة حيث لقي عشرات الآلاف حتفهم في ظروف بائسة.




Food rationing at Al-magroon camp
مؤن الطعام في المقرون
تقديرات الوفيات في معسكرات الاعتقال
تقديرات الناس الذين لقوا حتفهم في هذه المخيمات تختلف. ويقدر أن عدد من الليبيين الذين ماتوا -- قتل إما عن طريق القتال أو بصورة رئيسية من خلال التجويع والمرض -- هو في حد أدنى من 80000 أو حتى يصل إلى ثلث سكان Cyrenaican. بابي التقديرات أن ما بين 1928 و 1932 الجيش الإيطالي "قتل نصف السكان البدو (مباشرة أو عن طريق التجويع في مخيمات)." في كتابه Cerinaica اليوم ، الدكتور وكانت Todesky ، في عام 1931 الذي كان مديرا لخدمات الصحة الايطالى الجيش ، تنص على
"من مايو 1930 إلى سبتمبر 1930 واضطر أكثر من 80,000يبيين على ترك أراضيهم والعيش في معسكرات الاعتقال ، وأخذوا 300 في وقت ليشاهدها الجنود تأكد من أن الليبيين تذهب مباشرة الى معسكرات الاعتقال "و" وبحلول نهاية عام 1930 أجبرت جميع الليبيين الذين يعيشون في خيام للذهاب والعيش في المخيمات. 55 ٪ من الليبيين قتلوا في المخيمات ".
وكتب مؤرخ الإيطالي جنتيلي أن هذا الرقم كان مبالغا فيه ، وفقط بضعة آلاف قتلوا وغالبيتهم من المرض والجوع







معسكرات الاعتقال
أصدر الجنرال بادوليو الحاكم العام لليبيا توجيها عسكريا يحمل صفة سرى جدا إلى نائبة في برقة الجنرال غراتسيانى في صيف 1930، و قد ورد فيه ما يلى ..... و بناء عليه ، فانه من الضروري تجميع السكان المستسلمين في مكان ضيق بحيث يمكن مراقبتهم مراقبة فعالة و بحيث يكون هناك فراغ يراعى بمنتهى الدقة بينهم و بين الثوار
والدة صديقي ..... العبيدى عاشت بضع سنوات من طفولتها و بداية سنوات شبابها في معسكر اعتقال العقوبات بالبريقة . والدة صديقي توفت منذ سنوات عديدة، رحمها الله، و لكنني لازلت أذكر ما حكته لي من ذكريات أليمة بقيت معها طوال العمر من تلك التجربة المريرة و التي كانت نتاج فكر فاشستي مريض و متطرف في وحشيته و لا إنسانيته.
حكت لي والدة صديقي كيف جمع الايطاليون أفراد عائلتها و أفراد قبيلة العبيدات المتواجدين في منطقة القبة قرب مدينة البيضاء، و كيف رحلوا إلى منطقة طلميثة في معتقل تجميع مبدئي، و كيف هاجم رجال عمر المختار حراس المعتقل مرارا محاولين تحريرهم، و كيف أسرع الايطاليون إلى ترحيلهم سيرا على الإقدام باتجاه المعتقل النهائي، معتقل العقوبات بالبريقة و العقيلة. حدثتني المرحومة كيف سارت مع عائلتها لمدة ستين يوما، وأحاول أن أتخيل هذا الحشد البشرى المؤلف من رجال و نساء و شيوخ و أطفال، و معهم حيواناتهم من غنم و ابل، و ما يملكونه من متاع أبسط من البسيط و الذي يتكون من خيمة شعر و أغطية و بعض الملابس، يمشون حفاة و هم محاطون بحراس ارتريين أشداء غلاظ لديهم تعليمات بإطلاق النار على كل من يحاول الهروب، أحاول أن أتخيل هذا و يخدلنى الخيال، و لعل أقرب ما أستطيع أن أتصوره هو ما قراناه في القصص الديني من حوادث مماثلة مرت بالبشرية في قديم الزمان من هجرات القبائل القديمة..
حدثتني المرحومة بذكرياتها الأليمة تلك ، و كيف وصلوا إلى معتقل البريقة، و كيف استقبلهم الوحش الفاشستي أمر المعتقل باريلى و لعلها كانت تذكر ما ذكره شاهد عيان عنه من أنه كان يستقبل المرحلين مخاطبهم باللغة العربية ، قائلا
يا عبيدات نريد وضعكم فى منطقتين البريقة و العقيلة. و هناك تموتون فردا فردا حتى يتم استقرار ايطاليا بليبيا.
المرحومة وصلت إلى معتقل البريقة مع والديها و تسع من إخوتها، و تزوجت أحد أبناء عمومتها بالمعتقل، و عندما غادرت المعتقل كان معها أحد إخوتها فقط و زوجها و أخيه، أما بقية عائلتيهما فقد توفاهم الله. المرحومة كانت تذكر كيف كان يموت يوميا أربعون معتقلا على الأقل بسبب المرض و الجوع، و كيف كانوا يدفنون بسرعة قرب شاطئ البحر. كانت تذكر كيف يحدث أحيانا أن يضل أحد المعتقلين طريقه عائدا إلى خيمته ليلا بسبب انتشار أمراض العيون بالمعتقل و يقترب من السياج عن طريق الخطأ و كيف يرديه الحراس الاريتريون رميا بالرصاص، و كيف تكتشف جثته صباحا و تدفن قرب الشاطئ. كانت تذكر كيف يجلد المعتقلون و كيف يسكب على أجسادهم بعدها ماء البحر المالح، و كيف كان يشنق آخرون قرب الشاطئ يوميا كجزء من العقوبات الجماعية للقبيلة ، كانت تذكر رحمها الله كيف شغلت في أعمال السخرة و الأشغال الشاقة و تكسير الصخور يدويا لأشغال الطريق الساحلي الذي يمر بمنطقة البريقة و العقيلة.
حكت لي المرحومة الكثير و كان قلبي يضيق بالألم و الأسى، و يجعلني أتساءل هل تذكرنا نحن هولاء الليبيين كما يجب و هل أولينا هذه القضية حقها من البحث و الاهتمام، و هل لهولاء البؤساء الذين عانوا لغير ذنب جنوه مكان في ذاكرتنا الجماعية أو وعينا الجماعي؟
نحن نرى العالم اليوم يكفر في من يشكك في المحرقة اليهودية، ومن ناحية أخرى لا أدرى أن كان العالم يعرف ما يجب
أن يعرف عن معسكرات الاعتقال التي ابتدعها الطليان الفاشيست، و أكرر الفاشيست، في ليبيا لتجميع بادية برقة فيها حتى لا تتعاون مع المناضل عمر المختار و رجاله، هذه المعسكرات التي تكون قد أوحت إلى النازيين فيما بعد في ابتكار وسائلهم التصفوية و الغير إنسانية، ألم يكن موسولينى معلما و ملهما لهتلر؟
أنا لا أدعو للحقد أو الانتقام و لا للكراهية ، و لعله من المفيد أن أذكر هنا أن صديقي قد أتم دراسته العليا في الهندسة في ايطاليا و لم يكن ما سمعه من أمه من ذكريات قد أثر فيه سلبا بالنسبة لايطاليا اليوم و للايطاليين الشرفاء الذي يجب أن نذكر أن بعضهم من المناؤيين لموسولينى قد شارك الليبيين في منفاهم في جزيرة اوستيكا.
أنني أعنى فقط أن هناك عسف و جور و ظلم شديد و جرائم حرب قد ارتكبت في حق شريحة كبيرة من الليبيين، و مع أن حتى معظم الناجين منهم قد شملهم ألله برحمته ، إلا أنني متأكد بأن أولادهم و أحفادهم مازالوا يحملون هذه الذكريات في قلوبهم كجرح قديم لا براء منه. أن الحق لا يسقط بالتقادم و إن العدل لابد أن يقام و لو بعد حين.
و لكن ماهى معسكرات الاعتقال هذه؟ و لماذا؟
أن كل المعلومات المتيسرة لدينا هي التي استطاع مركز جهاد الليبيين ضد الاحتلال الايطالي تجميعها و هي ليست بالقليلة، و لكنني على قناعة بأن هناك الكثير المخفي لدى المصادر الايطالية.
فماذا لدى مركز الجهاد الليبي؟
كانت الخطة الايطالية تهدف باختصار و بشكل نهائي إلى عزل عمر المختار و عدم وصول أية مساعدة له من بادية برقة و أيضا إلى تفريغ البلد من سكانها في الجبل الأخضر و بمارماريكا، حتى يحل المعمرون الايطاليون محل سكان البلد الأصليين. فيما بعد سيستعمل هتلر اصطلاح الحل النهائي للمشكلة اليهودية.
و هكذا كانت هناك أنواع من المعتقلات على امتداد المنطقة الشرقية ابتداء من الدفنا ، مارماريكا، أى منطقة طبرق، معقل قبيلة العبيدات الرئيسي، و حتى جنوب بنغازي، موطن العواقير و الفواخر، مرورا بمواطن المنفة و البراعصة و الحاسة و الدرسة و العرفة و المسامير و غيرهم من قبائل الجبل الأخضر و سهل بنغازى، و انتهاء بالمغاربة و الزوية في منطقة اجدابيا.
كانت هذه المعتقلات وظيفيا تنقسم كما يلى:




Beduins and their livestock are rounded up before being taken to the camps
ا لبدوا يجموعون الموشي لرحيل نحو المعتقلات
1 – معتقلات التجميع: مثل معتقل عين الغزالة الدفنا الذي حشر به 8000 شخص ، و عاقبت السلطات الايطالية من يتخلف عن التوجه للمعتقل في ظرف ثلاثة أيام بالشنق و مصادرة أملاكه، و عندما حضروا جلدوا بالسوط 30 جلدة للرجل، و 15 جلدة للنساء و الأطفال، و كأن هذا تسخين فاشيستى. و بعد استمرار هجوم المجاهدين على المعتقل لتحرير المعتقلين اقتيدوا مشيا على الأقدام إلى معتقلات دائمة أخرى حسب التصنيفات، و كان هناك معتقل تجميع أخر بطلميثة.





2 – المعتقلات المسيجة: و هي أهون المعتقلات – وفى الهم ماتختار- حيث ترك المعتقلون قرب مواطنهم الأصلية محاطين بسياج و حرس دائم، أي داخل سجن كبير تحت المراقبة الدائمة و المستمرة مع تقييد حرية التنقل إلا بتصريح عسكري و هذا يشمل الليبيين المجندين من قبل الايطاليين، و هذه المعسكرات مثل مناطق شحات و الابيار، وقد وجدت مناطق بهذا الشكل في المناطق الغربية كذلك.

3 – معتقلات المرحلين: و هي المعتقلات التي أنشئت في مناطق صحراوية معزولة مثل سلوق و المقرون جنوب مدينة بنغازي، و ضمت داخل سياجها و أسلاكها الشائكة قبائل مرحلة بالكامل من مناطق أخرى، و لكنها كما يبدو تبقى مصنفة أقل خطرا من أن ترسل إلى معتقل العقوبات.







4 – معتقل العقوبات: و هو الذي خصص له المنطقة الأكثر انعزالا و الأشد وحشة و الاكثر حرارة، و هي منطقة البريقة و العقيلة. منطقة صحراوية منبسطة لا تصلح للاختفاء و لا للهروب و لا للحياة، و ليس بها من أسباب الحياة ما يذكر. لا شجر و لا ماء، بل صحراء قاحلة جرداء. و هنا جمع أقارب المجاهدين و المشكوك في ولائهم و المحتمل أن
يصبحوا مجاهدين و من لا يعجبوا المصنف الفاشيستى أثناء الفرز، و لندع الأرقام تتكلم.
أكثر الأرقام تفاؤلا تقول بأن المعتقلين في كل معسكرات الاعتقال المختلفة بلغ عددهم حوالي 120،000 معتقل و قد قضى على نصفهم على الأقل بسبب الجوع و المرض أو العقوبات و الإعدامات الجماعية و أكثر هؤلاء من معتقل العقوبات بالبريقة و العقيلة.
و قد تم إقفال هذه المعتقلات في سنة 1934 حيث جمع جميع المعتقلين بمعتقلات البريقة و العقيلة و المقرون و سلوق و حشروا في معتقل سلوق ثم نقلوا إلى المرج مشيا على الإقدام و إلى نقطة الانطلاق الأولى بطلميثة. و من تبقى من الاهالى أمروا بالتوجه إلى مناطقهم الأصلية في الدفنا – مارماريكا – و طبرق و درنة و شحات و البيضاء، أما أهالي المرج و الابيار فقد اخلي سبيلهم قبل ذلك بقليل. و قد حدث هذا نتيجة للتوجه الجديد في السياسة الفاشستية التي هدفت إلى استقطاب الليبيين و تجنيدهم لحرب ايطاليا في الحبشة حيث جند ما يقارب من 40،000 ليبيي و زج بهم في حرب لا ناقة لهم فيها و لا جمل.





كلمات شاهد عيان من زمن أخر
وقعت في يدي مؤخرا ورقة لمقابلة أجراها محمد مختار الساعدى مع الحاج عبد النبي عبد الشافي الرفادى في يناير عام 2008 . الحاج عبد النبي في التسعينات من عمره ، حفظه الله و متعه بالصحة و العافية، و قد كان شاهد عيان لما جرى من أحداث رهيبة ابتداء من سنة 1929 و هو في الثالثة عشر من عمره لمعسكرات الاعتقال الفاشية في برقة لمنع دعم و عون سكانها من البادية الر حل للمجاهدين بقيادة عمر المختار ، و ذلك بعد أن أكمل غراتسيانى سوره من الأسلاك الشائكة بالحدود الشرقية لمنع أية إمدادات تأتى عبر الصحراء الغربية من مصر . سبق و أن كتبت في تدوينه سابقة بعنوان “معسكرات الاعتقال” في مدونة “بوابة التاريخ” عن حكاية تشابه هذه الحكاية ، و لكن لاعتقادي بأننا لم نخلد ذكرى هؤلاء الشهداء الذين فقدوا حياتهم بسبب المرض و التجويع و العطش و التنكيل، و الآخرين الذين عاشوها و حملوا أثارها بقية عمرهم ، لم نخلد ذكراهم و لو بلوحة جداريه تكتب فيها أسماءهم في مواقع هذه المعسكرات في عين الغزالة و برسس و المرج و سلوق و طلميثة ، و البريقة و العقيلة، و إيمانا منى بأن كل ما يعرف عن هذه الحقبة يجب أن ينشر و أن يعرفه الناس ، فقد استأذنت من الأستاذ محمد مختار الساعدى مسجل هذه المقابلة و أذن لي مشكورا بنشرها .
الحاج عبد النبي عبد الشافي من منطقة القبة بالجبل الأخضر ، و قال متذكرا تلك الأيام الأليمة ، علما بأنه قد تم تبسيط لغة السرد – بدلا من لهجة بادية شرق ليبيا – تسهيلا للفهم ، مع عدم المساس بالمعنى :
” تم تجميع المواطنين من منطقة القبة و الجبل الأخضر للمرة الأولى عندما كان عمري ثلاث عشر سنة في الخريف وقت الحرث ، و بعد أن جمعنا تم تفريقنا و قيل بأن الحكومة عفت عنا . و بعد انتهاء فصل الربيع جاء وقت حصاد الزرع ، و عندها صدر قرار الطليان بأمر الجميع بالتجمع مرة أخرى فى مركز القبة ، و أضطر الناس أن يتركوا زرعهم وقت الحصاد . أبلغنا بالرحيل من مركز التجمع بالقبة و إلى الغرب ، و حطت بنا الرحلات عند منطقة القيقب . في اليوم التالي استؤنف الرحيل إلى مفترق الطرق جنوب شحات ، و أبلغنا بأنه على من ليس عنده راحلة أن يهبط إلى ميناء سوسة لينقل في المركب بالبحر . رحلنا من شحات إلى غرب البيضاء عند سيدي رافع ، و أقمنا ذلك اليوم هناك بينما كان الطليان متوجسين من وادي الجريب – وادي الكوف – ، ثم جمعونا قرب مسة عشية النهار لسماع بيان هام : ” غذا تدخلون الوادي ، و ربما يكون به العدو ، فإذا حدث شي ما مع الحكومة عليكم ألا تتخلفوا “
في اليوم التالي رحلنا و هبطنا الوادي واحدا وراء واحد . الترحيل من الصبح و حتى مغيب الشمس ، أول قافلة المرحلين يكون بلغ مكان التوقف و أخرهم يتهيأ لمغادرة مكان الارتحال. يتم هذا بينما الجنود الأحباش يطوقون المرتحلين و نوقهم و مواشيهم ، و يشعلون النار في الأنحاء ، و هناك كثير من الماشية حاصرتها النار و الدخان و تركها أصحابها يوم عبور وادي الكوف .
حط المرحلون أمام زاوية العرقوب ، ثم استؤنف الترحيل في اليوم التالي و حطينا قبل منطقة الغريب ، و بعدها في منطقة المرج حيث أقمنا ثلاثة أيام ، بعدها نزلنا الباكور نحو برسس على ساحل البحر .
و كانت المناطق التي مررنا بها خالية من الناس فتجد الزرع و تجد مناجل الحصاد بدون حاصدين ، فالناس كلهم قد رحلوا و جمعوا في معسكر اعتقال سلوق .
بقينا في برسس حوالي 15 يوما و لحق بنا آخرون جمعوا عند مرتوبة لا علم لنا بهم إلى أن جاء من قال بأنهم حطوا في أردانو شرق توكرة . أمرونا نحن المرحلين من القبة بالرحيل إلى أردانو ، و جمعونا مع المرحلين من مرتوبة و لم نكن سمعنا شيئا عن البريقة أو العقيلة . كانت الإبل تسرح حتى حافة الجبل ، و كان الناس يحتفظون بالكثير من نوقهم و أغنامهم و حميرهم . و عشية ذاك اليوم غار المحافظية – المجاهدون – على الإبل عند سفح الجبل ، و تبادلوا إطلاق النار مع الحراس ، و غنموا جزءا من الإبل و فروا بها .
و استنكر الطليان كيفية وصول المجاهدين إلى الساحل ، و طلبوا من كل شيخ قبيلة أن يسجل كل أفراد قبيلته ممن لهم أقارب مع المجاهدين – أخ ، ابن ، أب ، زوج - حتى يكونوا رهائن ، و صدر الأمر بترحيلهم عن طريق البحر . ساد التوجس و الترقب الخوف بين الناس ، و في صباح اليوم الثاني فر من المعتقل إحدى عشر رجلا من قبيلة العواكلة ممن لديهم قرابة مع المجاهدين تاركين أولادهم و زوجاتهم .
وجدنا قبلنا في طلميثة نجوع من قبائل البراعصة و الحاسة و الدرسة و العواقير ممن لهم قرابة مع المجاهدين . في طلميثة كان الناس يشحنون في صندوق رافعة الباخرة ، و ينزلون إلى سطحها كل مرة ثمانية أشخاص من الصباح و حتى غروب الشمس . و ازدحمت الباخرة بركابها ، و من لم يجد مكانا على السطح أعتلى القمرة ، و عند طلوع الشمس رست الباخرة في العقيلة .
المسافة من مرسى العقيلة إلى المعتقل حوالي كيلو مترا ، و وجدنا المكان مسيج بالأسلاك الشائكة يحرسه أحباش من بعيد ، أما من يأمر الناس فهو عربي بسوط في يده و كان هناك ترتيب لعدد من الكابوات – الرؤساء – من العرب كانوا قد بنو خيامهم ينتظرون وصولنا . تركنا مواشينا في طلميثة ، و الناس نقلوا فقط خيامهم ، أما من كان معه شعيرا أو قمحا فقد حجزت منه عند النزول في مرسى العقيلة و قسمت تحت نظام الحصص .
جاءنا طليانى يعطى بيانا ما زلت أذكر ما قال ، كأنه يتحدث الآن :
” أنتم محافظية – مجاهدين – و كانت الحكومة تريد قتلكم . هنا تموتون بالعشرات و لا تخسر الحكومة طلقة واحدة عليكم . “
أو كما قالها بكلامه هو حرفيا : جاء طليانى يدرس علينا كأنها ها الوقت :
“سياتى ريبيللى ( أي أنتم متمردون )الحكومة كانت تنوى قتلكم و هنا تموتو بالطزازين و الحكومة لا تخسر عليكم اسبيرارى ( اطلاقة ) ”
انتهت شهادة الحاج عبد النبي عبد الشافي الرفادى كما سجلها الأستاذ محمد مختار الساعدى يوم الأربعاء الموافق 23/01/2008 ، مع الاسترشاد بالاستبيان المعد من قبل مركز جهاد الليبيين .
استغرقت عملية الترحيل للمجموعة التي كان الحاج عبد النبي عبد الشافي أحد أفرادها ثمان مراحل كانوا يقطعون فيها مسافة 25 كيلو مترا فى كل مرحلة ، و هو كان ضمن المجموعة التي أكملت الرحلة بحرا من طلميثة إلى العقيلة . و قد استمرت فترة المعتقلات لعدة سنوات ، و بعد إعدام عمرا المختار تم استغلال المعتقلون فى أعمال السخرة لأشغال الطريق الساحلي مقابل فرنكات ضئيلة ، و مع سنة 1934 تم تفكيكها و ترجيع السكان إلى مناطقهم الأصلية . و تختلف المصادر التاريخية فى ذكر العدد الصحيح للمعتقلين ، و لعل الرقم الصحيح لا يقل عن 70,000 معتقلا يرجح أن نصفهم على الأقل قد قضى عليه فى تلك المعتقلات ، و تذهب بعض التقديرات إلى أن عدد الناجين لم يزد عن 20,000 .














هذه القصيدة التي نشرت في أكثر من كتاب وأكثر من صحيفة اشتهر بها الشاعر رجب بوحويش على مواكبة الشعر الشعبي لمعارك الجهاد المقدس يقول المجاهد إبراهيم الغمارى عن مناسبة تأليف هذه القصيدة الشعبية في كتابه من ذكريات معتقل العقيلة الذي صدر عن مركز دراسات الجهاد الليبي ضد الغزو الإيطالي
من داخل معتقل العقيلة التقيت بالمجاهد الفقيه / رجب بوحويش الذي بادرني قائلاً :
- يا إبراهيم لقد مر بي خاطر ليلة البارحة فنظمت قصيدة إذ تجد ورقة وقلما أمليها عليك.
يضيف إبراهيم الغماري فذهبت إلى المكتب الخاص بسجون المعتقلات وكان الموظف به يدعى / محمد المصدور وهو رفيقنا سابقا بالدور فطلبت منه ورقة وقلما وعندها رجعت إلى الفقيه رجب الذي أخذ يملى علي قصيدته المشهورة :
ما بي مرض غير دار العقيله .... وحبس القبيله .... وبعد الجبا من بلاد الوصيله
كما روى أيضا المجاهد الشاعر أرواق درمان أنه بينما كان في خيمة سجن معتقل العقيلة لاحظ على ملامح الفقيه رجب بوحويش الحزن والشحوب وكأنه يعاني من وعكة صحية أو مرض طارئ فسأله ما بالك يا فقيه رجب هل تعاني من مرض أو وعكة صحية؟ فأجابه قائلاً بأبيات :
ما بي مرض غير دار العقيله او حبس القبيله ..... وبعد الجبا من بلاد الوصيله
في مطلع هذه القصيدة يقول الشاعر الشعبي الفقيه رجب بوحويش أنه عندما يسأل عن مرضه ، وهو في المعتقل يجيب أنه لا يشكو من أي مرض عضوي ، ولكن ما يحزنه ويقلقه هو ما تقاسيه قبيلته وغيرها من القبائل ، في معتقل العقيلة الرهيب من تنكيل وتعذيب .
كما يصف لنا حنينه وشوقه المتدفق إلى ربوع البطنان وضواحيها مثل: عكرمة والعدم والسقايف وغيرها..
تلك الربوع التي كان الشاعر يخبرها جيداً في شبابه ويعرف شعابها ووديانها.
وكلما يتذكرها وما له فيها من ذكريات جميلة فإن دموعه تنهر من عينيه بغزارة لتسقط على لحيته الكثة.
************
مابي مرَضْ غير دار العقيلة.......وحبس القبيلة.....وبعد الجبا من بلاد الوصيله
مابي مرض غير حد المكاد...وشوية الزاد....وريحة اللي مجبّرة بالسواد
الحمرة اللي وين صار العناد...عناتهاطويلة...لها وصف ماعاد تاجد مثيله
مابي مرض غير واجد مرايف ...والحال صايف....علي عَكْرمَة والعَدَم والسّقايف
وحومة لفاوات عزّ العطايف ....حتي وهي مْحِله...تربِّي المهازيل جلَّه خويله
مرايف علي عكرمة والسراتي...اللي هن مناتي...نشكرن ان كام طلتهن في حياتي
عليّ وين يخطرن ننسي اوقاتي...دمعي نهِله...زواعب علي لحيتي سال سيله
مابي مرض غير مطري الحرابي...خيرة اصحابي... الضرابين والكوغط ينابي
ركابين كل حمره دعابي....الطايحتشيله...نضيده رفاقاه قبلوا جميله
مابي مرض غير فقد الرجال....وفنية المال...وحبسة نساوينا والعيال
والفارس اللي كان يقدع المال...نهارة جفيله...طايع لهم كيف طوع الحليله
طايع لهم كيف طوع الوليه ...ان كانت خطيه...نرمي الطاعه صباح وعشيه
نشيل في الوسخ والحطب والمويه...معيشة ذليله...مفيت ربنا يفزع يفك الوحيله
طايع لهم كيف طوع الوصيف...نسيت الوظيف....بعد بقيتي كنت ظاري عفيف
نصبِّي بلا حيل عندي خفيف...نشيل التقيلة...نزازي مزازة من زين حيله
مابي مرض غير فقد الغوالي...أسياد المتالي...سما العضادات فوق العوالي
راحو حساب شي تافه قبالي...ولا لقيت حيله...نشالشبها نين راحو دقيلة
مابي مرض غير طولة لجالي....وضيعةدلالي...وفقدة أجاويد هم راس مالي
يونس اللي كيف صوت الهلالي...كرسي القبيله...امحمد وعبدالكريم العزيله
وبوحسين سمح الوجاب الموالي...والعود ومثيله...راحو بلا يوم ذايب ثقيله
مابي مرض غير فقد الصغار...اسياد العشار...اللي لقطوا كيف تمر النهار
الضرابين للعايب صدار...نواوير عيله...ماينطروا بقول ناسا ذليله
مابي مرض غير شغل الطريق...وحالي رقيق...ونروح وماطاق البيت ريق
وسواطنا قبال النسا في الفريق...وقبينا زطيله...ماطاقنا عود يشعل فتيله
مابي مرض غير ضرب الصبايا ...وجلودهن عرايا...ولا يقعدن يوم ساعة هنايا
ولايختشو من بنات السمايا...بقول يارزيله...وعيب قبح مايرتضي للعويله
مابي مرض غير غيبة افكاري...وبينة غراري...وفقدة ضنا السيد خيوة مطاري
موسى وجبريل سمح السهاري...اسياد الخويله...ماينطروا بقول داروا عويله
مابي مرض غير طولة ريافي...ووثقة كتافي..وصبري بلاكسب ميل الشعافي
وتلايس اللي ع السوايا يكافي..خيار القبيله...عشا للجوارين يحموا كحيله
مابي مرض غير بعد العماله ...وحبس الرزاله...وقلة اللي م الخطا ينشكي له
وغيبة اللي يحكموا بالعداله...النّصْفَه قليله...والباطل علي الحق واخذ الميله
مابي مرض غير خدمة بناتي...وقلة هناتي...وفقدة اللي من تريسي مواتي
ووخذة غزير النصي بوعتاتي...العايز مثيله...يهضوذن علي القلب ساعه جفيله
مابي مرض غير فقدة نواجع ...ونا مانراجع...واللي لفّهن لاجفا لامواجع
ولا ينظروا غير حكم الفواجع... وريقة طويله...ولسان مرشّرّ من ضرب الثقيله
مابي مرض غير قل المحامي...ولينة كلامي...وهينة اجاويد روس ومسامي
وريحة اللي خايله باللجامي ...غريمة الهميله...منقودة التناسيب نقدة الرِّله
مابي مرض غير سمع السّوايا...ومنع الغوايا..وفقدة اللي قبل كانوا سمايا
وبط النساوين طرحي عريا..بسبله قليله...يديروا لهن جرم مافيه قيله
مابي مرض غير قول اضربوهن...ولاتصنعوهن...وبالس يف في شئ خدموهم
ومقعد مع ناس مانعرفوهم...حياةً عوشله..الاَّ مغير ماعاد باليد حيله
مابي مرض غير زمط العلايل..وديما نخايل...علي خيلنا والغلم والشوايل
وخدمة بلا قوت والسوط عايل...معيشة رزيله...علي اثر الدّباويش جوا للعويله
مابي مرض غير فقد الملاح...ودولة القباح...اللي وجوهم نكب واخري صحاح
وكم طفل عصران م السوط ذاح...حاير دليله...يانويرتي صاف من دون جيله
مابي مرض غير كسر الخواطر...ودموعي قواطر....مادونهن من يساطر
الراعي معقل جمال القناطر...فحولة كحيله...وطالق قعادين فوق الخويله
مابي مرض غير حبس المسامي...وميحة ايامي...و"كابو"علي ضرب لجلود دامي
يصبي يناديك بلسان حامي...ولغوة هزيله...تخاف يعدمك قبل لاتشتكي له
وشوخة ردي لصل شَوَّت منامي...حتي وهو عزِيله..يبيعك علي شان حاجة قليله
مابي مرض غير فوت الحدود... ووقاف سود...وشبردق ملوي علي راس عود
لاحيل لاقادرة لاجهود ...لشيل الثقيله...زاهدين في العمر لوجا وكيله
مابي مرض غير برمة افلاكي...وهلبة املاكي...وضيق دار واشونقاعد متاكي
الفارس اللي كان يوم الدعاكي...ذرا للعويله...يساسي ورا قرد مقطوع ذيله
وكل يوم م الظلم نا ننوض شاكلي...ونفسي ذليله...وكيف المرا مانفك العقيله
مابي مرض غير ميلة زماني...وقصرة لساني...ومانحمل العيب والعيب جاني
وتريسي اللي قبل بيهم نقاني...جمال العديله...ثقال روزهم يوم ذايب ثقيله
علي اثر ياسهم روجتي من مكاني...ليله طويله...ظلامها غطا ضي قاز الفتيله
مابي مرض غير فقدة بلادي... وشي من اريادي...نواجع غرب في خيوط السعادي
طالب الكريم اللي عليه اعتمادي ...يعجل بشيله...قبل لايفوتن ثلاثين ليله
الدايم الله راح راعي المجمم....طغي ضي ظَلَّم...العاصي علي طول مايوم سلَّم
لولا الخطر فيه بيش نتكلم...ونعرف نشيله...ونعرف نبين ثناه وجميله.

تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    انا افتخر بجدي الذي جاهد ضد الغزو الايطالي والذي

    سجن في معتقل العقيلة

    الاسم: محجوب جادالله محجوب محمد بن دابة

    ردحذف
  2. بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا وحبيبنا محمد ... انا افتخر وليا الفخر بكوني ليبية وبكون المجهاد عمر المختار جدي وانا من احفادة وكذلك لكون ثوار 17 فبراير اخوتى واهلي ... تحية لكل رافض للضلم وطغيان للكل من يسعي لتحقيق الحرية ومن يحترم ويقدر الدين الاسلامي ... اشهد ان لا إلا الله وان محمد رسول الله ...الحمدلله على نعمة الاسلام الحمدلله الحمدلله.

    ردحذف
  3. كنت اتابع للتو فلم عمر المختار ،،ولكن وقفت لما شفت مقطع المعتقلات "المقطع المصور من الواقع" و وقفت من مشاهدة الفلم

    على كثر مايوجد من مقاطع مؤلمه في الفلم ،،الا عند رؤيتي للمأساة الحقيقية ،، اعتبرت كل ماسبق لي مشاهدته عادي

    حسيت ببؤس شديد ،،حسيت ان كل المشاهد بتكون مطبوعة في عيون اولادهم ،،وبيخف تأثيرها مع الحكايا ،،

    ولأن الفلم ماعد يكفيني قمت ابحث عن صور حقيقية للمعتقلات ،،ولقيت مدونتك

    اتمنى اوصل صوتي من خلالك ،،لكل عائله ليبية اهلها عاصروا الأحتلال ،،اكتبوا رواياتكم ،،وثقوها بالصور ،،"المفروض تطلبونها من الارشيف الايطالي،، لأن بالفلم ماينفذون عملية الا ويصورونها"

    وحتى الحين ماصار في اسمه معتقلات وتجويع ،،فيه تجويع الشعب اقتصاديا عشان مايطمح لأعلى ويجلس من ولادته لمماته اكبر امانيه يأكل وينام ،،

    ردحذف
  4. ابن كمبوت ؟؟ مابي مرَضْ غير دار العقيلة

    ردحذف

إرسال تعليق

لا تذهب قبل ان تضع تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأمثال الشعبية الليبية

غـــنـــــاوي وشـــتـــــاوي على ( الــــقــــــديـــــــم )

ما بي مرض غير دار العقيلة.. للمجاهد الفقيه رجب بوحويش