مجلس نواب برقة في العهد الأيطالي

مجلس نواب برقة في العهد الأيطالي (1921 – 1926)

محاولة وطنية... أم خديعة إيطالية ؟

أعداد: سالم الكبتي

ـ إرهاصات ... لكنها لم تستمر!

ـ مجلس ضم في تركيبته أعيان وشيوخ .. وطليان ويهود!

ـ فترتان للمجلس .. انتهتا بإخفاق

ـ حاول الأعضاء .. ولكن!

مدخـل ضـروري:

لا تزال بعض الموضوعات والقضايا التي تشكّل أبعاد وتفاصيل تاريخنا الليبي الحديث والمعاصر تتطلع إلى مزيد من البحث والدراسة والنقاش وتوجيه العناية بها على الدوام. إن جوانب عديدة، في هذا التاريخ، مازالت بكراً لم تشق أرضها أي محاريث ولم يلتفت إليها الباحثون والدارسون بالصورة المطلوبة، رغم كل الجهود الطيبة التي بذلت من بعضهم في إطار دراساتهم التاريخية، وأعني هنا أن هذه الموضوعات وتلك القضايا لم تدرس بعد دراسة وافية ولم يطو عنها اللثام.. أو ثمة نواقص بشأنها لم تستدرك بعد.. ليس عن سوء نية بالطبع أو بقصد التجاهل، ولكن لأسباب كثيرة تظل تتكرر حين الأشـارة إليها لعل في مقدمتها عـدم توفر المصـادر بشكـل كـاف وميـسر - خاصة المحلية -، ولأعتقاد ظل سائداً بيننا، ولا يزال، يتعلق بتحاشي الموضوعات والشؤون التاريخية المتصلة بالأشخاص وبعض الرموز مؤدّاه ؛ أن ذلك ليس ملكاً للتاريخ وذمته حتى الآن، وأن هذه الموضوعات، تبعاً لتلك الرؤية، ستظل قيد الخصوصية (القاتلة) والحق الأُسري والعائلي وميراثاً من مواريث (القبيلة) لا يمسّه إلا المقربون !(1)

ورغم هذا وذاك، لابد من المواجهة العلمية والدراسة المنطقية لإجلاء الغامض واكتشاف المجهول من تاريخنا أو (الغائب) عنه واستدعائه، وفي اعتقادي أن من بين هذه الموضوعات المهمة التي لم تبحث ويتم قراءة مسائلها بصورة علمية ويشار إليها بالتحليل والنقد مع مراعاة (زمنها وظورفها) دون مجاملة، هو الفترة السلمية أو فترة الاتفاقات والمفاوضات مع الجانبين الإنجليزي ثم الإيطالي التي شهدتها ليبيا ونشأت في سنوات الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) وكانت من أصدائها، بطريقة أو بأخرى، داخل بعض مناطق الوطن وتداعت ضمن (زلزال) ما بعد معركة القرضابية عام 1915، وإعلان الجمهورية الطرابلسية عام 1918، وظهور القانون الأساسي في طرابلس عام 1919، ثم إعلان القانون نفسه ودستور برقة، وصولا إلى تكوين مجلس النواب في برقة عام 1921 (الذي سأعرض لتاريخه من خلال بعض من وثائقه)، وغيرها من قضايا ذات أهمية تاريخية بالغة.

تجربـــة أولى:

لم يعرف الليبيون التنظيمات البرلمانية أو الحزبية، أو العمل السياسي إجمـالاً وخبايا دهاليزه وأسراره بالكيفية التي أنتشرت وبدأت في الظهور في أغلب بلاد العالم (فترة الحكم العثماني)، وانما كان النظام الأجتماعي وتقاليده وأعرافه هو السائد من خلال العائلة في المدينة أو القبيلة في الدواخل، كانت هناك مجموعة بارزة من الشخصيات في المدن، وثمة من يمثل تلك العائلات في المجالس البلدية من الأعيان والتجار وبعض الفقهاء، أئمة المحلات ومختاريها، وكانت القبيلة - في خط آخر – تقوم بأدوار فاعلة في محيطها الذي تعيشه وتدافع عن حقوقها ومصالحها المتعلقة في الغالب بالحرث والزراعة ومصادر المياه وأماكن الرعي وظروف التنقل، بالقـوة وأحياناً بالشعر الشعبي الذي (يمجّد تاريخها ويفخر ببطولاتها دائماً ويهجو غيرها !). كان ذلك يقع في إطار حدود (وطنْها) عبر مجلس القبيلة أو شيخها أو وجوه القبيلة برمتها أو التحالفات و (المخاواة) مع القبائل المجاورة.. وحتى البعيدة. كان لكل قبيلة (وطنْ) هو (معقد آمالها ورجائها)، وكان هذا (الوطن) بمفهومه المحدد لديها معروفـاً وواضحاً يتمحور في منطقتها وما جاورها، وظلت مسألة الأمن، من حوله، إقتصادياً وإجتماعياً استراتيجية دونها الموت فيما كان بعض أعيان المدن يعينون من قبل السلطة مدراء أو رؤساء لهذه المناطق والتجمعات القبلية لألمامهم بالقـراءة والكتابة وحصولهم على نوع من الثقافة والدراسة في المدارس الرشدية أو العشيرة.(2)

إلى عام 1908 - منذ قرن من الآن – ظل الليبيون يعتمدون هذا النظام الأجتماعي الخاص وبرضا السلطات التركية حتى الأعلان في الآستانة عن العمل بالدستور(3) الذي كـان قد عطّله السلطـان عبد الحميد الثاني(4) وصار إعـلان الحريـة - ذلك العام – أو ما عرف (بالحرية والمشروطية) في أرجاء الدولة العثمانية، وكانت تلك خطوة أولى لأزاحة السلطان نفسه التي تمت مع بداية السنة الموالية (1909) وفرصة لبعض أبناء ورعايا الدولة في الداخل والخارج للمشاركة والتعبير، وقد ورد في باب (المجلس العمومي) من الدستور المشار إليه مواد(5) تقول بأنه: (يركّب من هيئتين تسمى إحداهما هيئة الأعيان والأخرى هيئة المبعوثين، وأن عدد أعضاء هيئة المبعوثين يكون باعتبار شخص واحد من كل خمسين ألف من ذكور التبعة العثمانية، ويتم إنتخاب المبعوثين العمومي مرة واحدة في كل أربع سنين، ويعطي لكل من المبعوثين عشرون ألف قرش من خزينة الدولة عن مدة الأجتماع في كل سنة وتعطي له أيضاً مصاريف الطريق ذهاباً وإياباً باعتباركـون المعاش الشهري خمسة آلاف قرش وفقـاً لنظام المأمورين الملكيين، وأن كلاً من أعضاء هيئة المبعوثين يعتبر كنائب عن عموم العثمانيين وليس عن الدائرة التي إنتخبته فقط، ومن الواجب على المنتخبين أن ينتخبوا المبعوثين من أهالي دائرة الولاية التي هم منها).

نشأ أو ترتب، إذاً، عن إعادة العمل بالدستور ترشيح وإختيار ممثلين لعضوية مجلس المبعوثان(6) - كما كان يسمى، من مختلف ولايات الدولة، وتم ذلك في الولاية (الليبية)(7) وفقـاً للنفوذ المحلي والعائلي والنظر للاعتبارات والمقاييس الجهوية،(8) دون سواها، ولم يخضع إطلاقاً لرؤية سياسية أو تيارات سياسية موالية أو مضادة،وإنما وقع الأختيار المباشر لتلك الاعتبارات العائلية أكثر منها أي شئ آخر، كما أشرنا، وظهر هنا: عمر الكيخيا ويوسف بن شتوان عن بنغازي، وسليمان الباروني ومحمد فرحات الزاوي ومصطفى بن قدارة ومحمد الصادق بالحاج ومحمود ناجي الأرناؤوطي عن طرابلس ومناطقها، فيما أختير عبد القادر جامي(9).. الضابط التركي وقائد منطقة غات تلك الفترة نائباً عن فزان.

ويلاحظ هنا أن هذه (النخبة المختارة)، معظمها كان متعلماً ومثقفاً، ونال قسطاً وافراً من التعليم العربي والتركي، ونظم الشعر وكتب عن التاريخ وتولى مسؤوليات إدارية، إضافة إلى إستناده على (خلفية عائلية) لها تأثيرها وتراثها أيضاً، وربما كان السعي لأختيارها لعضوية المبعوثين بهدف الأمل في القيام بدور في الأصلاح المنشود وعلاج الرجل الذي بدأ (يمرض) !، أو الدفاع – بالقدر المتاح – عن مصالح (أصحاب الأختيار) في طرابلس وبنغازي وفزان البعيدة، وهؤلاء النواب – في كل الأحوال – عرفوا ما يدور في أروقة البرلمان، وكواليس القصور الفخمة على ضفاف البسفور، وإلتقوا – بالتأكيد هناك – مع نخب عربية أخـرى وصلت من الشـام واليمن والعـراق وغيرهما تمثل (ديار العروبة) من بينهم: الأميران فيصل وعبد الله بن الحسين، وعبد الحميد الزهراوي، وسليمان البستاني، وروحي الخالدي، وعبد المحسن السعدون، وجميل صدقي الزهاوي، ومعروف الرصافي، وطالب النقيب، وشكيب أرسلان، ونافع الجابري، وأحمد الكبسي (من أشراف اليمن).. وغيرهم.

إن عام 1908(10)، سيلقي بظلاله في العموم على (ولاية طرابلس الغرب): ستصدر صحف العصر الجديد(11)، والكشاف(12)، وتعميم حريّت(13)، وأبوقشه (14)، والأسد الأسلامي(15)، ثم سيتوقف نشاط هؤلاء المبعوثين الليبيين عندما سمعت أصوات المدافع الإيطالية وهي تدوي بشراسة في الهاني وجليانة أواخر عام 1911.

تلك تجربة أولى دامت ثلاث أعوام.. لا غير(16) !

مخاض آخر.. لكنه عسير:

شكلت أعوام الحرب العالمية الأولى، وتداعيات معركة القرضابية التي وحّدت الليبيين وحدة حقيقية في مواجهة القوات الأيطالية يوم 28/4/1915، مخاضاً طويلاً وعسيراً للواقع الليبي في منظوره العام فعقد مؤتمر مسلاته في 16/11/1918(17) وولدت منه الجمهورية الطرابلسية بزعمائها الأربعة: سليمان الباروني، رمضان السويحلي، عبد النبي بالخير، أحمد المريّض، وبنظامهـا وبمجلسهـا الأستشـاري وبـ (الأمير عثمان فؤاد) و (عبد الرحمن عزام) – من بعيد ! – وبصحيفتها (اللواء الطرابلسي)(18) لاحقاً، ثم عقد صلح سواني بنيادم في أبريل 1919، الذي إنهار في فترة قصيرة ولم يصمد أمام سياسة (التفريق) و (اللعب على الحبال) التي أجادها الأيطاليون بقصد زرع الفخاخ والأنشقاقات بين الزعماء.

حفـل افتتـاح المجلس في بنغازي، ابريل 1921: السيد صفي الدين السنوسي، والأمير أوديني، وعمر باشا منصور الكيخيا، الشيخ عبد الرحمن الزقلعي، عبد العزيز العيساوي، عبد العزيز صهد.

في برقة (التي إلتزمت قيادة واحدة) كانت سلسلة من المفاوضات والاتفاقات قد بدأت منذ عام 1916 في الزويتينه (التي يستوي العنب فيها صيفاً) بين الأمير إدريس والجانبين الأنجليزي والأيطالي، وتشكلت حكومة إجدابيا عام 1917(19) عقب إتفاقية عكرمة، ثم أعلنت الحكومة الأيطالية دستوراً لبرقة في 13/10/1919 منحت بموجبه الجنسية الإيطالية لليبيين وأقيم بمناسبته إحتفال مهيب في شارع الكورنيش في بنغازي الذي أصبح (شارع الدستور) تلى فيه دي مارتينو، عضو مجلس الشيوخ ووالي برقة(20) نصوص الدستور بالكامل أمـام الحاضرين، فيما صدر من بعدُ القانـون الأساسي لبرقة أو (قانون التنظيم) الذي ترتب عنه تأسيس البرلمان (مجلس النواب) في برقة، ولم يحدث ذلك في أختها طرابلس.

وحسب وجهة النظر الأيطالية، يقول برتشارد (21): (إن أفضل ما يمكن قوله بخصوص الدستور في برقة الشبيه بدستور إقليم طرابلس، أنه تضمن قبولاً ضمنياً بالسيادة، وأن البرلمان قد يسّر للموظفين إتصالاً شخصياً مع زعماء القبائل)، فيما إنتقد – على حدّ قوله – كتّاب الفترة الفاشية – فيما بعد – حكومة ذلك الوقت (الإيطالية) بشدة على منحها هذين الدستورين إذ (إعتبرت عواطف الرئيس ولسن – صاحب المبادئ الشهيرة – هي التي أوحت بهما ولم تحظ بالقبول)(22)، وتطرّف أحـد هؤلاء الكتّاب في قوله: (ذينك الدستورين كان مكتوباً عليهما أن يحملا بذرة الشر)(23).

تواصلت هذه الخطوات (السلمية) بتوقيع إتفاقية الرجمة في 25/10/1920(24)، وبعدها بشهر عقد مؤتمر غريان الشهير(25)، وكان من بين أهم بنود الأتفاقية تكوين مجلس نيابي في برقة يشمل في عضويته ممثلين عن المدن والقرى والواحات وبحيث يُصار إلى إختيار وترشيح النواب في مدة قريبة، وهو يكاد يكون أول (عمل سياسي) في منظوره المحلي، يحدث في ليبيا بعد إعلان الجمهورية الطرابلسية، ويعرفه الليبيون في برقة بمعناه الصريح والواضح، إلى جانب كونه أول (برلمان عربي) في المنطقة بأسرها، ولأن ذكرى (المبعوثان التركي) القديم ظلت أصداؤه تتردد في أعماقهم فقد تعارفوا أيضاً على تسميته شعبياً بالمبعوثان.

وتلك تجربة ثانية.. بدأت في النمو وسط أرض صلدة.. جامدة متراكمة الصخور!

المجلس في أحدى جلساته في فترته الأولى

وخطوات موازيــة:

إنسجاماً مع مراحل هذا (النشاط السلمي) الجديد، التي أحياناً تتقدم ثم تتأخر لتتواصل ثانية، خصوصاً بعد عام 1915 (تداعيات القرضابية) وهدوء القتال نسبياً، وحدوث بعض الظروف الأجتماعية الخانقة والمجاعات والأمراض الفتاكه (أيام الحرب العالمية الأولى)، شرعت إيطاليا في نسج خيوط مكملة لمشروع (عباءتها) متمثلة في محاولات الأستمالة لبعض الأعيان والوجهاء وشيوخ القبائل في المدن والدواخل بعدة طرق كان في مقدمتها إنتهاج سياسة التفريق، وضرب القوى ببعضها، وإغداق الأموال، وإهداء (البرانيس) فعلى سبيـل المثـال وقّـع بعض من العمد والشيوخ في (المارمريكا- البطنان) على جملة من التعهدات والمضابط وقوبل ذلك بسخرية من (بلحوق القطعاني)(26) في نماذج من شعره، وانتقد الشاعر (بورويله المعداني)(27) بعض الشيوخ في المنطقة الوسطى وما جاورها الذين ركنوا إلى الطليان بقوله:

(مبروك عليكم ما درتوا

بعد إخترتوا..

خاطيتوا لديان كفرتوا )

وسيسجل الشعر الشعبي في حافظته القوية موقفه إزاء مثل هذه الحالات، شرق البلاد وغربها، وربما سيكون في مرحلة مجلس نواب برقة الثانية أكثر قرباً ً في ملامستها وتوثيقها كما سنرى، والشواهد كثيرة في هذا السياق على أي حال.

المجلس في إحدى جلساته في فترته الثانية

أعضاء المجلس أمام مقره

المشهد في بنغــازي:

قبـل تكوين المجلس بمـدة قصيرة، شهدت بنغـازي، في إطـار الفترة السلمية، إنتعاشاً سببه المباشر إرهاصات ومحاولات إستفادت، ولو بقدر متواضع، من ترتيبات هذه الفترة، حيث صدرت صحيفة (الوطن) عام 1920 في بضعة أعداد(28) لمحررها عوض بونخيله، وهو أحد شباب بنغازي الذي إنضوى سراً في مرحلة ماضية ضمن عمل وطني جمعه مع أصدقائه: أحمد مخلوف(29)، وأبوبكر جعودة(30)، وساسي بن شتوان(31)، وعمر فخري المحيشي(32)، كما جرت في العام ذاته إنتخابات لأختيار عميد لبلدية بنغازي تنافس فيها عميدها السابق صالح باشا المهدوي، وحسين باشا بسيكري، ومحمد طاهر المحيشي الذي فاز عليهما بتوليه المنصب المذكور (سيصبحون نواباً في المجلس بعدئذ)، وتأسس أيضـاً في بنغـازي حزبان: (الحزب الدستوري) و (الحزب الديمقراطي).. (كانا في مبـدأ أمرهما حزبين محليين ثم أصبحا سياسيين تابعين للحكومة)(33)، وقد هجا أحمد رفيق الأول بقصيدة منها:(34)

"الحزب الدستوري العربي ينبوع الباطـل والكذب "

" قد لفق أحقر شرذمـة ما ينقصهم غيـر الذنب "

" ما أنتم للطليـان سوى بقر للخدمـة لا للحلب "

وأنشئت عام 1921 مكتبة بوقعيقيص في ميدان الحدادة من قبل الشقيقين عمر ومحمد بوقعيقيص التي ساهمت بدور ممتاز في نشر الوعي الثقافي والمعرفي بما هو متاح بين سكان المدينة وبتوزيعها بعض الصحف والمجلات العربية القادمة من مصر.(35)

إن هذا المشهد الذي تبدّى في بنغازي، سياسياً وإجتماعياً وثقافياً، كان بداية لأنطلاق إرهاصات أو محاولات ظلت تنتظر الفرصة تلو الأخرى لتعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم، ربما بالتحايل واستغلال المتاح، وقد يكون وراءه مجاراة لنظم لم يألفها المجتمع في بنغازي بل ليبيا عموماً،.. المجتمع الذي كان أغلبه أمياً، ويعاني من الأمراض المتفشية بقوة صاعقة ومظاهر التخلف والفقر كانت تلوح واضحة خلف بوابات بنغازي الموصدة التي أقامها الأحتلال وظلت من سمات تلك الأعوام الصعبة التي نهض من رمادها مثل العنقاء: مجلس نواب برقة.

غلاف كتيب أصول انتخابات مجلس النواب

إنتخابات بشروط:

مع أواخر عام 1920 شرعت السلطات الأيطالية في إتخاذ الأجراءات العملية لتكوين المجلس، وأعلن عن إجراء الإنتخابات في المدن (بنغازي – درنة) وكذا إختيار ممثلي القبائل (شيوخ المشايخ) في النواجع ومناطق الدواخل في الحدود التي تقع ضمن سلطات واختصاصات الأمير إدريس، وقد تولى الأيطاليون، أصحاب الخبرة بالطبع، إعداد وتنظيم الخطوات التي تهدف إلى (إنجاح) هذه الأنتخابات والأختيارات التي تنفذ لأول مرة في تاريخ برقة بهذه الطريقة وكانت حريصة على أن (توفق) في ذلك فأصدرت نظاماً للأنتخابات والكيفية التي ستتبع خلالها سمى (أصول إنتخابات مجلس النواب المحلي وسائر المجالس المولاّة بالأنتخاب في قطر برقة) احتوى شروطاً عديدة لأنجاز الحق الأنتخابي للمواطنين من المحليين (عرب ويهود)، والإيطاليين في كتيبب باللغة العربية من (14) صفحة وثلاث فصول وست وثلاثون مادة، وكان هذا الإصدار التنظيمي بأمر ملك إيطاليا ووقّعه عنه (نتيّ) وزير الداخلية والوزير الوقتي للمستعمرات.

حددت هذه الفصول والمواد الاشتراطات اللازمة في (المنتخِب) و (المنتخَب) وطـرق الأقتراع وبيان الدوائر الأنتخابية وحدودها في الأماكن الحضرية وفي مناطق القبائل.. وغير ذلك من نظم، ومنع من التصويت: (الوطنيون المحكومون بحرمان الوظائف الرسمية والتجار المفلسون المقيدون بحكم التفليس والمحجورون لمرض بعقلهم والمحكومون بأي عقوبة كانت دون الثلاث سنين وصغار ضباط الجيش والبحرية وعساكرهما وعلى السويّة كل من كان في الجماعات المنظمة نظاماً عسكرياً مادام تحت السلاح)، وأعطى هذا النظام (لكل من مشايخ قبيلة وكل شيخ فرع من فروعها تحديد أسماء رجلين من أهل العدل والأعتبار عند الناس حائزين ما يجب من الشروط ليكونا من المنتخبين، وإذا تألفت "اللجنات" على هذا المنوال ترأسها رجل خامس ينصب بأكثرية أصوات الأعضاء منتخباً من بين ناس الفرع المنسوب هو إليه ويستثنى من هذا الأنتخاب شيخ الفرع، وتشهد "اللجنات" بمضبطة تمضيها على الأصول بالكتابة أو تختمها بالطوابع مبينة عدد جملة نفوس كل فرع حتى غير المنتخبين من الذكور والأناث على إختلاف أعمارهم ويؤيد المضابط شيخ مشايخ كل قبيلة وعند عدم وجوده يؤيدها شيوخ الفروع المتعلق بها الأمر ثم يبعث بها مع ما قد يُحمل من الملاحظات فيها إلى الولاية فتوافق عليها بعد استماع مجلس الحكومة موافقة نهائية).

وفي الأماكن الحضرية تفوض المهام نفسها إلى مختار وإمام كل محلة على حده يعاونهما من أهل المحلة نفسها رجل عدل ينتخبه المجلس أو اللجنة المفوضة إليها إدارة البلدية أو عند عدم وجودها تنتخبه دائرة الولاية الراجع إليها النظر، وفي حالة عدم وجود محلات ولا مختار ولا إمام فاللجنة فيها تتركب من ثلاثة أعضاء تنتخبهم دائرة الولاية ذات النظر ويشهد بعدد الوطنيين الأيطاليي الأصل القاطنين في كل من هذه الأماكن من كان من الحكومة موكولاً إليه أمر سجل النفوس في المكان المذكور، وأما عدد (الأسرائيليين) فتشهد به جماعتهم في ذلك المكان إذا كانت مؤلفة قانونياً وعند عدم وجودها تشهد بذلك "اللجنات" المار ذكرها، ويظل الأقتراع في الأماكن الحضرية مفتوحاً ثلاثة أيام متوالية ولدى فروع القبائل مدة عشرة أيام متوالية، وأشارت المواد إلى أن المجلس يجتمع في (محروسة بنغازي) ويجمعه الوالي ويحضر جلسته الأولى بعد الأنتخابات، إما بنفسه أو بتوكيل أحد عنه، وللمجلس في انعقاده دوران في السنة: دور في شهري مارس وأبريل، ودور في شهري سبتمبر أو أكتوبر ويجوز جمعه في أي وقت كان في أدوار غير إعتيادية، وفي جميع هذه الأدوار، عادية أو غير إعتيادية، فإن الوالي يفتحها ويختمها بأمر منه، وتعقد جلساتـه علانية إلا إذا طلب عقـدها سراً عشرة أعضـاء بخط منهـم، ويضع المجلس نظامه الداخلي وكيفية إجراء وظائفه).(36)

ثم أجريت الأنتخابات والأختيارات مع بداية عام 1921 وصار تعليق بعض الأعلانات والملصقات والدعاية للمرشحين في طباعة (رديئة) أو بخط اليد، والدعوة للمشاركة في التصويت، وهو أيضاً شئ جديد ومستحدث (كأنه من جماد!)،لم تشهده بنغازي من قبل، والحقيقة أن هذا العام (1921) رغم ما حدث خلاله من إنفتاحات وأجواء فسيحة لإطلاق الحريات (إلى حد ما.. وإلى حين!)، إرتبط في أذهان سكان بنغازي – في صورة مغايرة وموازية – بالقسوة والتعب فقد اشتهر بأنه عام مجاعة وقحط وجفاف شديد ونضوب في الأمطار ونزوح كثير من الناس في الدواخل إلى بنغازي، وانتشار مرض الطاعـون في أرجائها للمرة الثانية – في العهد الأيطالي، الأولى كانت عام 1914، وتزامنت هذه العوامل وإجراء الأنتخابات النيابية مع ثاني حريق لسوق الظلام (الأول كان عام 1906) حيث دمر السوق وأتى على ما فيه بأبوابه وأسقفه الخشبية وسبّب في ضياع أرزاق كثيرة، وقد نظم رفيق – الذي كان موظفاً في البلدية – قصيدة مشهورة مطلعها:

(سوق الظلام وزرع هذا العام رميا من المولى بذات ضرام)

ومن بعيد.. من نواجع أجدابيا (حيث مركز الأمارة والحكومة المحلية) هتف الشاعر حسن لقطع(37) بقوله:

(موشاطني سوق الظلام وغيره خطاك يا علم هو الكاينة الكبيره)

في ربط ظل المؤثر فيه والأقوى (خطأ الحبيب) يمثل مصيبة كبرى يهون أمامها حريق السوق بكامله !

كانت تلك هي الصورة وخلفياتها في بنغازي وما حولها: إرهاصات، وبعض من الحماس والنشاط، ثم ترشيحات وإنتخابات تدق طبولها وسط ظهائر أيام الجوع والطاعون والحرائق وقلة الأمطار، وأرادت إيطاليا (المستعجلة في الديمقراطية مثل إستعجالها بالغزو العسكري) في تكوينهـا للمجلس وإنعقـاده أن تبـدي لليبيين وللعالم – قبل ذلك – حسن نواياها وصدقها في تعهداتها وإلتزاماتها عقب المفاوضات في أعالي الرجمة: فها هو مجلس النواب يتشكل بسرعة، وها هي الشروط والاعلانات قد سمع بها الناس ورأوها.. ولم يبق سوى إعلان النتائج.. والجلوس على مقاعد المجلس، وبرزت هنا أسماء (50) عضواً عن المدن والدواخل، وبضعة طليان ويهود بنسبة ضئيلة، ومن بين الفائزين بالعضوية: صالح المهدوي (من خطباء المجلس المشهورين)، ومحمود بن شتوان، ومحمد عبد الله منينة، ومحمد الكيخيا، ومحمد طاهر المحيشي، وحسين بسيكري، وعثمان العنيزي، وطاهر العسبلي، ومفتاح الأمام، وخنيفر العقاب، وبشير الهدل، وبوبكر بالذّان، وطيب بوميكائيل، ومحمد لياس، وأحمد البناني، وسعد بوالقذافي، وعوض بوعلي، وداوود المجشّر، وحسين شهاوي.. وغيرهم.

كانت تركيبة المجلس بهـذا الشكل تضـم خليطاً من مشايخ القبائل، وأعيان المدن، ومجاهدون ضد إيطاليا ذات يوم، وشعراء، وأميون، وبعض أصحاب المستويات الثقافية والتعليمية خريجي المدارس التركية، ومن عمل مع العثمانيين تركيبة عجيبة من رجال المدن والنواجع.. ولا شئ غير ذلك !

غلاف النظام الداخلي لمجلس النواب عام 1921

وثيقة تبرع لعساكر الأناضول من رئيس المجلس وأعضائه عام 1921

إفتتــاح المجلس:

بعد مضي أسابيع معدودة من إجراء الأنتخابات النيابية أفتتح المجلس في مقره ببنغازي يوم 18 شعبان 1339 هـ الموافق 28 أبريل 1921، وأختير السيد صفي الدين السنوسي، أخ المجاهد أحمد الشريف "وعدو الطليان القديم" في معركة القرضابية بعد ست سنوات من وقوعها (28/4/1915)، رئيساً للمجلس، وحضر الضيوف والأعضاء والمسؤولين، في برقة، ومثّل إيطاليا الأمير أوديني وتبودلت الخطب، وشرع المجلس في أعماله، وأصدر نظامه الداخلي الذي صدق عليه النواب في جلسة يوم 27/10/1921، وقد نشر بالعربية في مارس 1922 في كتيب إحتوى ثلاثة عشر صفحة واشتمل تسعة فصول وخمس وأربعون مادة.

ومن بين ما ورد في هذا النظام: (أن الأكثرية المطلقة لأعضاء المجلس تتكون بواحد فوق نصف عدد الأعضاء المنتخبين والمعينين عدا الذين سقطوا من نيابتهم أو حصلوا على الأجازة وفقاً للأصول، وأن الرئيس ونائبه والكاتب ومعاونه يشكلون دائرة الرئاسة، ويحفظ الرئيس النظام ويسترعى الأصول ويأذن بالكلام ويدير المناقشة ويخفف شدة المجادلة ويضع المسائل على بساط البحث ويؤذن بنتيجة التصويت وهو خطيب المجلس لدى اللزوم وكذلك يراقب أيفـاء الكتبة لواجباتهـم ويعتني بحسن سائـر الأعمال، ولا يجوز للنواب أن يتغيبوا إلا بعد الحصول على الأجازة الأصولية وتعتبر الأجازة معطاة إذا لم يعترض عليها أحد عندما يبلغها الرئيس للمجلس، ولا يجوز لأحد أن يتكلم بدون إذن الرئيس ويجب إستماع الأعضاء الطبيعيين كلما طلبوا ذلك، وإذا حصلت غوغاء في المجلس فللرئيس أن يوقف الجلسة أو يفضّها ويؤجلها إلى يوم آخر، ولا يجوز لأي شخص خارج عن المجلس أن يدخل لأي سبب ما في المكان المخصص للأعضاء، ويتأتّى للنواب دخول المجلس بأن يبرزوا للحرس القائم عند الباب علامة تعريف مخصوصة توزعها عليهم الحكومة، ويجب على الأشخاص الذين يجلسون في أروقة المجلس أثناء الجلسات أن يحفظوا الأدب ويلزموا السكوت بدون إبداء علامة إستحسان أو إستهجان، وأن تحرير التراتيب واللوائح الواجب النظر فيها وإعطاء القرار من المجلس عائد للحكومة فهي التي تقدمها للرئاسة بصورة مواد مع بيان وجيز للأسباب والرئيس يبلغها للمجلس موزعاً صوراً منها ويدرجها في برنامج أول جلسة تسمح بذلك).(38)

وجعلت للأعضاء القادمين من خارج المدينة إستراحة للأقامة خلال أيام الأنعقاد (قصر الأعيان)، واستمر هذا المجلس في إنعقاده من أبريل 1921 إلى بدايات 1923 حيث أغلق وأوقف عمله حين وصل الفاشيون إلى السلطة في روما بقيادة موسليني ورفاقه (39)، وخلال ثينك العامين ظلت أمام المجلس قضايا شائكة حاول أن يعالجها وفي مقدمتها ما يتعلق بثنائية الحكم في البلاد (السلطة الإيطالية وزعامة الأمير)، كما يقول برتشارد، ولم يستطع الوصول بشأنها إلى حلول ناجعة،لكنه نجح في مناقشة بعض الجوانب المالية (الميزانية) وتعيين القضاة وتنظيم المحاكم الشرعية ومنهج المعارف العام، وهي موضوعات تعتبر من (تحصيل الحاصل) عند مناقشتها مع السلطات الأيطالية قياساً ببعض القضايا ذات الشأن الكبير مثل (الأدوار المختلطة) والكيفية التي تشكل بها من الجانبين المحلي والإيطالي في الأبيار وتاكنس وسلنطه والمخيلي وعكرمة وفقاً لاتفاقية بومريم المنعقدة في 30/9/1921. لقد عجز في الواقع عن حسم هذه الأمور لأسباب كثيرة منها تمسك الأهالي والمقاومين بأسلحتهم وعدم التخلي عنها، ويبدو أن حكومة إجدابيا ظلت تناور بها مع الإيطاليين رغم إلتزامها ببنود الأتفاقية، ويلاحظ عند تعيين لويجي بونجوفاني حاكماً لبرقة في 1923 (بعد وصول الفاشيين إلى السلطة) إصراره العنيد لتفكيك المعسكرات والأدوار ومخاطبته المجلس بشراسة في هذا السياق لكنه تلقى رداً سلبياً إذ وجد أن أغلب النواب الليبيين في المجلس يبدون تعاطفاً مع عدم تسليم السلاح.

كانت الفترة الأولى عموماً، هادئة لم ينتابها شئ، وقد حاول الأيطاليون – قبل المرحلة الفاشية – أن يضربوا بها مثالاً، تبين فيما بعد أنه مجرد خديعة، لتعليم أهل البلاد دروس الديمقراطية وتلقينهم فن وأصول الحياة النيابية، كما حاولوا التقريب والألتقاء للوصول إلى أهدافهم بطرق لم تكن مقبولة من قبل المجلس، الذي كان أغلب أعضائه، على ما يبدو، حذراً في التعامل المباشر مع إيطاليا – إلاّ فيما ندر – وموافقتها على ما تريد (موضوعة الأدوار المختلطة على سبيل المثال)، وربما كان يعرفون في أعماق أنفسهم أن ذلك لن يدوم طويلاً. لقد كان الأيطاليون يبحثون عن فرصة لكسب الوقت أو "لقلب الطاولة" ذلت يوم، وقد وقع ذلك بالفعل: حدث الأنقلاب الفاشي في روما، فأوقفت إيطاليا المجلس وأغلقت أبوابه، وأعادت احتلال إجدابيا، وطاردت بعض أعضائه السابقين، وألغت تعهداتها مع الأمير إدريس وحكومته الذي غادر إلى مصر.. وبعده بفترة رئيس المجلس (صفي الدين) الذي استمر في قيادته (للمنطقة الغربية: مصراته، سرت، ترهونة) نائباً عن الأمير.. ثم تكون دور الجبل الأخضر بعد معركة بير الغبي في مارس 1923.. وإلتهب القتال في كل المناطق..

الفتــرة الثانيـــة:

أعادت السلطات الإيطالية (التجربة البرلمانية)في برقة، تهدئة للخواطر على ما يبدو أو في إطار (النفاق السياسي) و (اللعب على الحبال)، بطريقة تختلف عن السابقة، فاستدعى من بقي من الأعضاء السابقين لمواصلة عضويتهم، وأضيف في الأمكنة الشاغرة مجموعة أخرى من الأعيان والشيوخ منهم: سعيد خليل المالح، ويادم بوجلاوي، وحسن نجم، وخليفة بورحيم، وسليمان سعيد العرفي (الذي أعدمته إيطاليا لاحقاً) ومطرود بوشنيف اللواطي .. وغيرهم، وأفتتح المجلس أعماله في يونيو 1925، واختير أحمد البناني رئيساً له وسعيد المالح نائباً، وحضر النواب ببرانيسهم الحمراء المزركشة، وألقى الجنرال مومبيلي(40) خطبة الأفتتاح بالإيطالية وترجمها بالعربية باسيلي خوري.

كانت هذه الفترة قلقة، والقتال يتصاعد ضد الجيش الإيطالي، ولم يكن من المجدي نجـاح (العملية الديمقراطية) في مواجهة ديكتاتوريـة موسوليني التي تنادي الآخر (با سمع وأغلق فمك !)، وقد نشرت بعض المحاضـر الخاصة بالاجتماعـات وأخبار المجلس في صحيفة بريد برقة، وكذا مجموعة من المناقشات والقرارات التي كانت تصب في خانة الموالاة للسلطة. لقد كتب على المجلس (غصبا عنه) في هذه الفترة أن يسمع ويوافق وينفذ، ومنح لأعضائه المرتبات والمهايا، وكانت خطب مومبيلي تعتمد الأفتخار بالمجلس وتقديره لأعضائه من الإيطاليين وتوجيه رسائل (خلف الحدود)، ومن ذلك: (.. إنه ليسرني كثيراً أن أرى هنا اليوم بينكم الوجيه سولاتسو الذي بصفته أعظم نذير ومبشر للحزب الوطني الفاشستي راجعاً بعد طول الغياب إلى هذا المحيط المعروف منه حق المعرفة حيث به يجد ذاته في درجة أحسن بكثير من كل مرة سبقت، ويثبت بأنه بواسطة أعمال حكومتي النشيطة وباشتراككم الفعلي قد برز إلى حيز الفعل بروغرام التأكيد والمكانة والأقدام بحماسة. ذلك البرغرام الذي خصصته الحكومة الوطنية لهذه المستعمرة وها هي النتائج المتحققه يوماً بعد يوم تدل على أنها وطيدة الأركان دائمة مدى الزمان وبذا يحق لنا اليوم أن نتباهى ونفتخر بامكاننا الثابت الأكيد بأن السلام وهو أعظم أماني الأهالي وغايتها.. هذا السلام المنشود قد أصبح لدينا على أهبة الأستباق النهائي..)(41)، وشارك(سولاتسو) بخطاب أمام النواب جاء فيه: (.. بتأسيس مجلس النواب منذ اليوم قد أصبح ذي مكانة لدى الحكومة المحلية من كان مجرداً عنها حتى الآن.. أعني بذلك ممثلي القبائل في البادية التي كانت عانت حتى الآن أكثر من غيرها مصائب حرب غير منتظمة تملل شياطين الجحيم فهؤلاء إذا أرادوا إلتزام السكينة والراحة وجب عليهم أن يفرضوا إحترامهم على الجمعيات السرية الدينية وعلى عصب المفسدين الذين دأبهم العيش، في المدن خاصة، آمنين مطمئنين بفضل المشاغبات الداخلية. يجب على نواب القبائل الداخلية إذا قصدوا حمل سواهم على طاعتهم أن يتظافروا ككتلة واحدة.

فبعد مضي سنتين أتت الوقائع محققة تحقيقاً بليغاً ما كنت أنادي به فهو أن السنوسيين أعلنوا الخيانة ونكثوا معاهدة الرجمة واستفتحوا بالأعمال اللصوصية بابرامهم الأتفاق مع جمهورية مصراته الميتة المقبورة. إن السنوسيين وأعوانهم قد نبذوا اليوم نبذ النواة من حياة هذه البلاد المدنية غير أن هذا الشئ غير كاف وعلى رأيي أن يتحتم على القبائل بأن تتيقن بأنها هي وحدها المتحملة مغبات المشاغب والفتن كما أنها هي المتنعمة أكثر من غيرها بثمرات الراحة والسلام. قليل من يعلم منكم يا رفقائي الكرام أنني مضاد للأنتخابات على أنواعها ولكافة المجالس النيابية ولكن في المستعمرات أميل لأسلوب مجالس الشورى السائرة أحسن سير في البلدان الأخرى المسكونة من العنصر الأسلامي ومحاسن هذا الأسلوب متوقفة على تعاون أبناء البلاد مع حكومة المستعمرة تعاوناً مستمراً غير متقطع)(42).

كان هذا الأسلوب هو السائد في المجلس، "واحد يغني والآخر بجناحه يرد عليه"، رغم فخره بإنجاز مشاريع المدارس والتعليم ومشروع الجمعيات والاجتماعات وقانون الصحافة ومشروع الترتيب القضائي ونظام البلديات، وهي كانت أنجزت أوبوشر في مناقشتها، قبل إنقضاء المجلس، في فترته الأولى.

وحاول المجلس في فترته الثانية الأقتراب من الخطوط الحمراء بمناقشة موضوع من طالهم النفي والأبعاد لأسباب سياسية، وكان الرد من مومبيلي واضحاً لا لبس فيه عبر رسالته المؤرخة في 2/7/1925 إلى المجلس بقوله: (.. إنني معتقد(43) بأن الوقت المرهون لم يحن للآن للأعادة إلى الوطن عناصر كانوا باعثاً على الفتن والاضطرابات والعبث بالأمن العام).. وهكذا لم يكن بمستطاع المجلس (الأبداع بما ليس بالأمكان) !.

الشعـر.. والمجلس:

تميزت الفترة الثانية للمجلس بإندلاع (معركة شعرية ضارية) بين أحد نوابه، حسين شهاوي(44)، ومجموعة من الشعراء: السنوسي بوصفحة،مفتاح الحقّ، مجاور عجبه(45)، ودامت أياماً طويلة وظلت تمثل مواقف الطرفين والدفاع عن وجهة نظر كل منهما تجاه المجلس ورؤيته له، وهي بالتالي (موقف ورؤية) للآخرين من بعيد. إن هذه المعركة أو المساجلة توثق للأحاسيس المعلنة أو الدفينة في الصدور تجاه المجلس والسخرية منه لدى جانب، والفخر والأشادة به والأعتراف بالموقف دون خجل لدى آخر، وتدلنا دلالة كبيرة بأن الكلمة أمضى سلاحاً في أحيان كثيرة.

كان شهاوي فارساً، وسيماً، وميسور الحال، فهو صاحب (نخل شهاوي) وما فيه من أراض وأملاك قرب قمينس، وقد شارك في معارك الجهاد الأولى ضد القوات الإيطالية في ساحل بنغازي وانتمى مع أفراد من عائلته إلى دور بنينا وأجاد، وفقاً للروايات، استخدام القنابل اليدوية المعروفة ذلك الوقت. وكان شاعراً يجيد قصائد الغزل في المناسبات والأفراح، وقد حز في نفوس رفاقه استمراره في عضوية المجلس خلال الفترة الفاشية التي قوضت كل الأشياء وطاردت المجاهدين، وأعتقل في دور أجدابيا لثنيه عن موقفه، ثم عاد إلى مقر إقامته بعد أن غافل الحراس، وأنتهت الأمور بمقتله عام 1925.

في فترة جهاده، له قصيدة مشهورة يخاطب فيها المجاهد أحمد الشريف عقب سفره إلى تركيا عام 1918 مطلعها:

(على الله يا سيدي تاتينا

ما تعطينا..

للي حكمه جار علينا..)

لكن التبدلات في المواقف والتغيرات قادت شعره إلى محيط آخر وجعلت منه صوتاً إعلامياً قوياً لمرحلة المجلس وعضويته به، وحتّمت عليه مواجهة أولئك الشعراء الكبار مثله.. ولكن بمفرده في وجه العاصفة الشعرية !

بدأ المساجلة، في سخرية من المجلس، السنوسي بوصفحة قائلاً:

(مبعوثان وشيخ مشايخ

حلماً كايخ..

يفرغ غير أوكال طبايخ)

ورد بوشهاوي مفتخراً:

مبعوثان وشيخ وعمده

والطلياني جرّي بنده..

وأنتوا يا اللي باراكنده(46)

ناس طفايخ..

تشقوا بالموال الكايخ

مبعوثان وشيخ مجنس

في كل قرانات يونّس..

ماني كيفك غير تكنس

باطل م الدوران ونايخ

ويرد الحقّ، وهو من أقارب شهاوي، مفتخراً بقوة المجاهدين:

(كان بقولك جرّي بنده

باراكنده

تهلب ع الكافر لاعنده

وينوضن زندات بزنده..

منهن جيشك راح ملايخ

كم قطع غرده في غرده

ليلة تعييطه بصرايخ

كم شيخ مسمّي له عنده

ماي شوخة وحدين زلايخ

مكسور الواحد بالقنده..

دشش عظمه راح شلايخ

لا يعرف ربي لا حمده..

باع الدين بشوط طبايخ

م الكافر جت عينه رمده

قدر الشايخ..

دفل وفوق الخد لبايخ)

ويواصل شهاوي اعتداده بنفسه في جزء من دفاعه عن موقفه:

(مبعوثان وشيخ معنّى

مترتب صاحب رسميه

لحكام الثلثين شهنه

له نيشان وله حيثيه

يفهم في القانون وفنه

والشرع وحكم العدليه

وعارف حقا فرض السنه

وامور الدنيا جمليه..

ومتغطي بلباس الجنه

والكاطات المحروقيه

وبرنوس الزقزة يثنى

فوق كنادر فرنيزيه

ولباسه يفوحن بالبنه

عطر ولاونطا مسكيه

وانتوا كيف شبوهة فنه

ما فكيتوا يوم لويه

ما عشتوا في وسط مدنّه

في لرض الصحرا وحشيه

لو كان تجيبه قسميه

له راسه بالسيف نرنه

يطيح شلايخ.. يقعد نايخ

نوريه التحسين كشايخ).

والملحمة طويلة.. قد تتاح فرصة قادمة لدراستها وعرضها وبحثها وفقاً لظروفها وزمنها، وهي في مجملها إنعكاس لمواقف ورؤى واتجاهات متقاطعة، ويلاحظ أن مفتاح الحق، رثى قريبه حسين شهاوي عقب مقتله، رغم تلك التقاطعات !

بعض من وثائق:(47)

(1)

تحريراً 15 شعبان 1339 (1921م)

من خادم الملة الأسلامية محمد إدريس المهدي السنوسي

وكيلنا بخولان الشيخ عبد القادر فركاش حفظه الله.

عندما يصلكم كتابنا هذا إطلبوا القلابطة وانتخبوا منهم مبعوث وأن تأخذ مضابط عن كل ما هو ممكن أخذها في فسخ الأنتخابات الجارية مع الطليان وتكون سرية جداً

والسلام.

رسالة من الأمير ادريس إلى وكيله عبد القادر فركاش حول اختيار عضو للمجلس من فرغ القلابطة – قبيلة الحاسة

(2)

نحن الواضعون أسماءنا وأمهارنا أسفله قد حضروا كافة السديدي وتذاكروا فيما يخص وطنهم وما يحدث عليهم في المستقبل من طلبات الحكومة ومن غيرها يذاكروا عليه عموم السديدي ويعطوا الرأي ومن غير حضورهم عموماً ما يصدر لهم رأي خصوصاً من جيهت الحكومة وطلباتها لأنها فهمنا منها أن الحكومة قصدها الخير أولاً منحت الحرية وثاني القانون الأساسي وثالثاً كون أهل الوطن يخدمونه والذي مصلحتها عائدة للوطن تجريها والذي فيها ضرر على الوطن وعائدة على الأهالي فالواجب على أهل الوطن يبينوا ضررها وما يتأتى منها والحكومة ترفعها حكم ما أوعدتنا بموجب المناشير وما فهمنا من القانون الأساسي فعلى هذا إتفقوا عموم السديدي بربط وضبط هذه المضبطة لأجل الخير في الأتفاق وغيره في الشقاق وربنا يوفق لما فيه الخير.

15 شوال 39 (1921)

رسالة من فرع السديدي، قبيلة العواقير حول القانون الأساسي

(3)

أصوات* الناخبين في بنغازي لترشيح محمد الكيخيا ممثلاً لقبيلة الكراغلة(48)

المحـــلة

كل الأصوات

كراغلة

خدام الزروق

عقيب

غريبيل

565

144

17

79

الشــابي

120

45

16

3

بالخيــر

133

23

4

-

سيدي سالم

50

20

2

-

سيدي حسين

138

23

15

5

الصابــري

274

96

19

3

الشريــف

512

131

42

3

الــدراوي

793

96

18

207

الوحيشــي

260

23

9

4

بن عيسـى

432

98

34

5

خريبيــش

1190

313

60

13

البركـــة

482

147

81

13

المجمــوع:

4879

1159

317

335

* خانة كل الأصوات تعني الذين شاركوا في التصويت من كل المقيدين بسجل الناخبين.

الصفحة الأولى من سجل الناخبين لصالح الحاج محمد الكيخيا، عضو المجلس

(4)

برنامج جلسة يوم 4 ماجو الساعة 8 صباحاً

1 ـ تبليغات الرئاسة

2 ـ جواب خطاب صاحب السمو الملكي برنس أودني

3 ـ مسألة تصدير الشعير وبعض أشياء أخرى

4 ـ نظام المجلس الداخلي

5 ـ تبليغات عن تعيين لجنة تحقيق المناصب

رئيس مجلس النواب

الأمضاء: محمد صفي الدين السنوسي

تنبيه: علمت الرئاسة أن بعض النواب يدخلون القاعة مسلحين، لذلك أمنع قطعياً حصول ذلك مرة أخرى، وأن خالف أحد أحفظ لنفسي الحق في تأديبه حسب النظام الموقت للمجلس القاضي بمنع النائب من المجلس لأمور تأديبية.

صورة من جدول أعمال جلسة 4 مايو 1921

(5)

تحريراً 15 رجب 1340 (1922م)

سيادة السيد محمد صفي الدين حفظه الله آمين

بعد إهداء عاطر السلام. معلوم سيادتكم طيه صورة جواب لوكيل بنغازي

مؤرخ في 20 فبراير 1922 لأجل إطلاعكم عليها وإذ رأيتم شئ مضر بالوطن

وعرضوه عليكم أجّلوه إلى تمام المدة المعنية وفي الختام تفضلوا بقبول تحياتي.

محمد إدريس المهدي السنوسي

(6)

من محاورة بين رئيس المجلس وممثل الحكومة:

3ـ أما الأقتراح المتعلق بعرض مسألة حل الأدوار على مجلس المبعوثان فلا يمكن النظر فيه بعين الأعتبار فانها لا تدخل في صلاحية مجلس النواب على حسب القانون الأساسي، وإنما هي عائدة لسمو الأمير الذي بالتزامه برفع الأدوار اعترف بأن هذه الصلاحية عائدة لنفسه فقط !

فليس المقصود من هذا الاقتراح إلا المماطله والتسويف.

ســــؤالان:

قد ينهضا الآن: لماذا المجلس تكون في (برقة) ولم يتكون شبيه له في (طرابلس) رغم أن دستور أقليم طرابلس كفل حق تكوينه ؟

ولماذا كان مقره في بنغازي وليس في اجدابيا مقر الحكومة (الوطنية) ؟

وهما جديران بالاجابة، وان كانت ليست بصورة قطعية، فقد تعثرت الخطوات السلمية في مسارها عقب صلح بنيادم، وربما حدثت (خديعة إيطالية) أيضاً هناك، إضافة إلى أنه كان لزعماء الجمهورية الطرابلسية مجلس ضم في عضويته مستشارون يمثلون المناطق كافة في (اللواء الطرابلسي)، الأمر الذي لم يتح الفرصة لتكوين مجلس للنواب واقتصر على مجلس المستشارين وربما اعتبروا (نواباً) طالما أنهم يمثلون تلك المناطق، ولعل المنازعات التي حدثت لاحقاً – للاسف – بين الزعماء الوطنيين وغذتهم السلطات الاستعمارية في جنون وعدم الاستقرار والثبات على (زعامة واحدة) بحكم الظروف، ساهمت أيضاً في قطع الطريق على تكوين المجلس مع مرور الأيام.

اختيار بنغازي مقراً لمجلس نواب برقه، تم لأنها مدينة بها بمقاييس ذلك الزمن خدمات ومقار بعكس مناطق الدواخل المفتقرة إلى العديد من الأمكانيات المادية والعمرانية، وجعلت من إيطاليا تشيد مبنى فخماً للبرلمان وأعدت استراحته وجهزت ما يوفر أو يخدم النواحي الدعائية والإعلامية لها في الصحف العربية والأوربية.

لقد خاض الليبييون غمار هذه التجربة البرلمانية القصيرة في عمرها، وكانوا رغم حذرهم من التجربة أو حماسهم في جزء منها – على عدم دراية كافية لمحاولات إيطاليا التي استدرجتهم إلى ذلك ولعلهم كانوا يحسنون الظن بهذه المحاولات وأرادوا بطريقة أو بأخرى العمل بما أتيح وتيسر لهم من نظم ابتدعها المستعمر وأنجزها على هواه مثلما حدث في بلدان أخرى بشكل هو اقرب إلى: (من فمك أدينك) أو (أحاربك بالسلاح الذي سلمتني إياه)، ولكن التجربة في الحالتين لم تنجح النجاح المطلوب، فقد ألغت إيطاليا كل تعهداتها وتنكرت لوعودها في الفترة الأولى وصارت في حلٍّ منها بمجئ الفاشست وفتحت النار على العزّل، وكانت في الثانية مهيمنة بصورة واضحة على سير أعمال المجلس ونظامه وأرادته وسيلة للدعاية أمام الاخرين وبوقاً لسياستها، إضافة إلى أن الظروف الثقافية والاجتماعية للواقع الليبي آنئذ تختلف إختلافاً جذرياً عن مرامى ومقاصد الأيطاليين وأهدافهم في التوسع والاستيطان، علاوة على خبايا ودسائس سياساتهم التي لم يكن الليبيون بشيوخهم ونوابهم على علم واسع بها، أو السياسة عموماً.

أنتهت تجربة مجلس نواب برقه، وكادت أن تنجح لو واتتها فرصة صادقة من الأيطاليين، وظلت محدودة الأجل، فكانت في نصفها محاولة وطنية.. وجلّها خديعة إيطالية لم يحصد منها الليبيون سوى رجع الصدى الذي تكسر في النهاية على صخور الجبال، ثم قذفت به الشواطئ إلى البعيد !

الهوامش والأحالات:

1 ـ أنظر، مقالة (وثائق جديدة في حركة الجهاد الليبي). للكاتب، ومحاضرة بمركز الجهاد، طرابلس 21/3/2007.

2 ـ مدارس الرشدية: اقامتها تركيا في بنغازي بالقرب من (القلعة)، حيث مبنى المحاكم حالياً على شاطئ البحر، وفي طرابلس بالقرب من الميناء الآن (مازال المبنى قائماً). ومدارس العشيرة أسسها السلطان عبد الحميد الثاني، وكانت تضم مجموعة من الطلاب العرب والأرمن واليونان ومقرها عاصمة الخلافة.

3 ـ صدر عـام 1876، مطلع عهد السلطان عبد الحميد الثاني، من (119) مادة.

4 ـ السلطان العثماني: (1842- 1918)، تولى السلطنه عام 1876، وخلع مطلع عام 1909.

5 ـ المواد رقم: 42، 65، 69، 71، 72، 76، من (القانون الأساسي العثماني في ممالك الدولة العثمانية)، أنظر: الحكم العثماني في اليمن (1872- 1918)، فاروق عثمان أباظة، دار العودة، بيروت، 1979.

6 ـ الصحيح، المبعوثين وقد شاعت هذه العبارة، وهي فارسية الأصل، فمبعوثان: تعني المبعوثين، مثل طالبان، وتعني الطلبة.

7 ـ كان الوالي، أثناء إجراء الأختيار، في طرابلس رجب باشا، وفي بنغازي غالب بن خلدون باشا.

8 ـ أنظر: محمد مصطفى بازامه، بنغازي متصرفيلك. الجزء الثالث. العهد العثماني الثاني، دار الحوار، قبرص، 1994.

9 ـ صاحب كتاب (من طرابلس الغرب إلى الصحراء الكبرى) وقد قام بترجمته محمد الأسطى، دار المصراتي للنشر، طرابلس، 1974.

10ـ هذا العام سيشهد أيضاً: مجئ بعثة يهودية إلى برقة لدراسة إمكانية توطين اليهود في الجبل الأخضر، التي أصدرت مشروعها في (الكتاب الأزرق)، كما سيشهد صدور ثاني ديوان شعر لشاعر ليبي هو عبد الله يحى الباروني في مصر (بعد الشاعر مصطفى بن زكري 1898)، وكذا مولد إبراهيم الأسطى عمر الذي سيصبح لاحقاً شاعراً ينادي مع آخرين بالوحدة الليبية في مقابل الدعوة للفيدرالية في الأربعينيات الماضية.

11 ـ أصدرها محمد على البارودي.

12 ـ أصدرها محمد النائب الأنصاري، ابن المؤرخ الشهير أحمد النائب.

13 ـ أصدرها المحامي محمد قدري.

14 ـ أصدرها، الصحفي التونسي الهاشمي أبوقشه.

15 ـ أصدرها سليمان عبد الله الباروني (عضو المبعوثين) في القاهرة.

16 ـ لم تشمل إنتخابات عامي (1911- 1914) ليبيا لوقوع الغزو الأيطالي.

17 ـ عقد في اليوم المذكور بجامع المجابرة في مسلاته.

18 ـ صحيفة أصدرها حزب الأصلاح الوطني في طرابلس وأدارها عثمان القيزاني، وصدر عددهـا الأول في 9/10/1919، وسميت (اللواء الطرابلسي) إشارة إلى: (اثنين وعشرين عضواً هم أعضاء مجلس الجمهورية الطرابلسية يمثلون مختلف الألوية، عدا لواء بنغازي، وهي: لواء طرابلس، لواء الخمس، لواء الجبل الغربي، لواء فزان) وظلت تصدر حتى عام 1922، أنظر: صحيفة اللواء الطرابلسي، فتحية الخير حمدو، منشورات مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، طرابلس، 2006، وعلي مصطفى المصراتي: صحافة ليبيا في نصف قرن، دار الكشاف. 1960.

19 ـ تشكلت في مركز الأمارة باجدابيا، وضمت مجلساً خاصاً بعضوية كبار الأخوان والعلماء، ومجلساً للأعيان بعضوية شيوخ وأعيان القبائل، ومن أعضاء الحكومة الذين تولوا بها مناصب مختلفة: عمر المختار (نائباً للمنطقة الغربية) وعلي العابدية (متصرفاً لأجدابيا) ومحمود بوهدمه (عميداً للبلدية) وحسن الغرياني (رئيساً لقسم المحاسبة) ومحمد علي بن شفيع (رئيساً لقسم الجمارك) والشارف الغرياني (قائداً للجيش) وساسي بن شتوان والسنوسي قادربوه.. وغيرهم. أنظر: برقة العربية أمس واليوم. الطيب الأشهب. القاهرة. 1947.

20 ـ في الفترة من (1919- 1920).

21 ـ إيفانز برتشارد: السنوسيون في برقة، الطبعة العربية، بيروت 1969. ترجمة، عمر الديراوي بوحجلة.

22 ـ المرجع السابق

23 ـ المرجع السابق

24 ـ بعد عقد هذه الأتفاقية قام الأمير إدريس في شهر نوفمبر بزيارة إلى روما دامت شهرين في وفد مؤلف برئاسته من حكومة اجدابيا ضم: مستشاره عمر باشا الكيخيا، الشارف الغرياني، علي باشا العابدية، أحميده المحجوب، محمد سعيد الفزاني، عبد القادر فركاش، عبد العزيز العيساوي، حسن بوخضره الشريف، إبراهيم الشلحي.

25 ـ في نوفمبر 1920.

26 ـ بلحوق القطعاني، مجاهد وشاعر من عائلة (رحامنة)، اشتهر بقصائده الوطنية والاجتماعية، عاش ونشأ في مناطق البطنان، هاجر إلى مصر، وتوفي بطبرق عام 1944، وقد خاطب أحد أصدقائه من المشايخ بقوله عن هذه المضابط:

ع السلامة ياشيخ رواق ياك فيهن لشلم ما تاق

والمقصود بـ (لشلم) الختم الخاص به.

27 ـ بورويلة مسعود المعداني، مجاهد وشاعر، له مساجلات شعرية طويلة في قضايا وطنية مختلفة وأخرى إجتماعية مع العديد من الشعراء الكبار في فترته. توفي إثر غارة جوية على مصراته في الحرب العالمية الثانية عام 1943.

28 ـ كان مقر الصحيفة في ميدان سوق الوحيشي ببنغازي، وقد نشرت مقالات لصاحبها عوض بونخيله الذي هاجر فيما بعد إلى تركيا وأقام في أضنة إلى وفاته بها في نوفمبر 1960، إضافة إلى نتائج شعراء وكتاب آخرين في المدينة، وهي ثاني صحيفة عربية تصدر في بنغازي بعد (الحقيقة) لمحمد طاهر المحيشي وجان أولمي.

29 ـ أحمد عبد الله مخلوف: من الشبـاب الوطني في بنغازي، توفي بمصر عام 1930.

30 ـ أبوبكر إبراهيم جعودة: شاعر ومثقف، استشهد مع شقيقيه صالح وموسى وأبني الأول إبراهيم وعثمان، في الأعتداء المشهور على آل جعودة من قبل الإيطاليين في بنغازي، أبريل 1941.

31 ـ ساسي محمد بن شتوان: ولد في بنغازي لأم تركيه عام 1884. إلتحق بوظائف إدارية في إجدابيا وبنغازي. هاجر إلى تركيا وأقام فيها إلى عام 1964، وعـاد إلى بنغازي ومنح مرتبـاً شهريا من الملك إدريس حتى وفاتـه عام 1966.

32 ـ عمر فخري بن سالم باشا المحيشي، صاحب (بريد برقه) ومحرر (ليبيا المصورة) توفي ودفن بقمينس عام 1942.

33-34 ـ ديوان رفيق: (الفترتان الأولى والثانية من 19- 1925) المطبعة الأهلية. بنغازي (1971)، ويذكر أن في مقدمة أعضاء الحزب الدستوري وتولى رئاسته (محمد طاهر المحيشي) الذي له قرابة برفيق (إبن عمته)، وشقيق عمر فخري المحيشي الذي تزوج بشقيقة رفيق.

35 ـ أسس المكتبة الأخوان: محمد علي بوقعيقيص (توفي عام 1956) وشقيقه عمر (توفي عام 1984)، اشتهرا بنشاطهما الاجتماعي والثقافي ببنغازي إبان فترة الاحتلال الإيطالي وما بعدها، وقامت المكتبة بدور فعال بين سكان المدينة في هذا الأطار، وفي جانب آخر قام عوض محمد زاقوب بتأسيس مكتبة في سوق الظلام لبيع الكتب وتوزيع الصحف نشراً للثقافة العربية والاسلامية في بنغازي، واعتقل بسبب ذلك عام 1938 في بنغازي وطرابلس وابعد إلى (براك) بفزان وظل هناك إلى دخول القوات الفرنسية فعاد إلى بنغازي عام 1944.

36 ـ أصول إنتخابات مجلس النواب المحلي.

37 ـ هو، حسن احميده عبد الرحمن، من عائلة (المهابات) الفواخر، وغلب عليه لقب (لقطع) لفقده إصبعين من يده اليمنى. ولد وعـاش في اجدابيا ونواحيها. عرف بشعره في أغراض الغزل والهجاء. وتوفي بالنواقيه عام 1954.

38 ـ النظام الداخلي لمجلس النواب. بنغازي. مارس 1922.

39 ـ أواخر عام 1922.

40 ـ أرنستو مومبيلي، وإلى برقة في الفترة من مايو 1924، إلى نوفمبر 1926. (في عهده حصل احتلال الجغبوب).

41-42 صحيفة بريد برقه، العدد (41)، 12يوليو 1925، ويلاحظ رداءة الترجمة والأسلوب بوضوح !، ويقصد بالاتفاق مع مصراته،عودة الرئيس السابق للمجلس (صفي الدين السنوسي) إلى ساحة الجهاد وإشرافه على القيادة مع المجاهدين وروؤسائهم في المنطقة الغربية والوسطى.

43 ـ هكذا وردت في أصل الترجمة، والصحيح (انني اعتقد). كان الإيطاليون يعتمدون في ذلك على موظفيهم ممن تعلموا لغة عربية (مكسرة)، أو بعض الموظفين العرب غير الليبيين. فكانت الترجمة تلك المدة كثيراً ما تكون ركيكة إلى حد مضحك !

45 ـ السنوسي بوصفحة العقيلي: شاعر ومجاهد، تعلم في زاوية مسوس على يد الشيخ أحمد السوسي (والد الشاعر حسن السوسي)، اشترك في أغلب معارك الجهاد قبل هجرته إلى مصر حيث أسهم هناك بنشاطه الوطني وكان من بين الموقعين على ميثاق 9 أغسطس 1940، اشتهر بشعره في الهجاء والسخرية. توفي ودفن ببنغازي عام 1964.

مفتاح عمر إلحقّ الشبلي، مجاهد من أعضاء دور أجدابيا. توفي بالمقرون عام 1944، مجاور عجبه ابراهيم المشيطي: شاعر توفي بسلوق أيام المعتقلات عام 1931.

46 ـ باراكنده: تعني قدماء المحاربين.

47 ـ إلتزمت بنصها الأصلي دون تغيير.

48 ـ من سجل أسمـاء المرشحين للحاج محمد منصور الكيخيا لعضوية المجلس (مخطوط)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأمثال الشعبية الليبية

غـــنـــــاوي وشـــتـــــاوي على ( الــــقــــــديـــــــم )

ما بي مرض غير دار العقيلة.. للمجاهد الفقيه رجب بوحويش