برقة قاطرة السياسة في ليبيا

.. بقلم صلاح صوان المغربي

مرت 63 عام على ذكري إقامة امارة برقة " سبب إتحاد ليبيا وإستقلالها " و كان الإحتفال كبيرا وشارك فيه كل الأعيان والنخب المثقفة السياسية والإجتماعية والإعلامية والشباب والشيب , ولكن الغياب الكامل كان مُبيتاً لأي ممثل عن المجلس اللاوطني اللاإنتقالي أو الحكومة اللاإنتقالية أو أي ممثل عن أشقاء برقة الآخرين وهما إقليم طرابلس و فزان , وطبعا لم توكب الحدث الوسائل إعلامنا لا الرسمي ولا الخاص كما تعودنا , لأننا مواطنين درجة ثانية , ولأن إحتفال برقة خصة في أعناقهم لأنها جلبت لهم الإستقلال وتقاسمته مع شقيقاتها طرابلس وفزان .

فلم يحضر لا الحريزي ولا العلاقي ولا القماطي ولا الشيباني ولا صهد ... ولا حتى المقريف ولا الشمام إبني المدينة ,,, هؤلاء فقط حضورهم كان لذكري جمهورية طرابلس التي كان توقيتها بمثابة الخيانة العظمى سنة 1918 بمباركة ايطالية عندما كان أهالي برقة يذبحون في ساحات الوغى وأطفال ونساء وشيوخ برقة يموتون شوعا وعطشا ومرضا في معتقلات إيطاليا الموجودة في برقة فقط لا سواها حتى يُركّع أبنائها لجلاديهم وهو ما لم يحصل وهي ماكانت سببا في قلة كثافتنا السكانية التي نعاقب عليها الأن , في معتقل العقيلة فقط كان فيه أكثر من 150 الف من جميع قبائل برقة و لم يخرج منه أحياء إلا 30 الف حسب المصادر التاريخية بسبب الجوع والمرض وطبيعة الارض الصحراوية الحارة ربيعا وصيفا وخريفا والشديدة البرد شتاء ..

طبعاً جمهورية طرابلس التي لم تدم إلا ثلاثة أشهر حسب المصادر الإيطالية يحتفل بها ويدعم الإحتفال بمال حكومي لأنها كانت سببا في حرب أهلية في إقليم طرابلس ما بين العرب والأمازيغ بسلاح إيطالي ولأنها نست أن لها شقيقة تذبح في شرقها .. أّما شقيتها برقة التي قادت حرب التحرير والإستقال والتي كانت سببا في جلب إستقلال طرابلس وفزان لاحقاً .. لأن الإستقلال نالته برقة ولم تنله لا طرابلس وفزان اللاتان كانتا تحت الوصاية , وإنضمتا مع برقة في شراكة بالتساوي مناصفة في الواجبات والحقوق بعد إسترجائهم برقة حتى يلتحقوا بإستقلالها وسميت تلك الدولة الوليدة بإسم " ليبيا " وأعترف بها في الأمم المتحدة بشهادة ميلاد مكتوب فيها أن ليبيا دولة فيدرالية إتحادية .

وتقاسمت برقة إستقلالها التي نالته لوحدها مع شقيقاتها طرابلس وفزان بالتساوي في دولة إتحادية , وما تأكدت الشقيقة طرابلس بنيل إستقلالها المجلوب لها حتى بدأت في سحب البساط من تحت أرجل شقيقها بنقل سلطات البلاد من قاطرة السياسة على مر تاريخ ليبيا الحديث " برقة " , وقام ساستها في حياكة خيوط المؤامرة مع شركات النفط الأمريكية " أميرادا هس , مارثون , كونوكوفلبس " وغيرها من شركات النفط الأمريكية التي كانت تدفع الضارئب مرتين لسلطات الولاية وكذلك للحكومة المركزية ولصعوبة أخذ القرارت في ظل دولة ليس لها سلطة مركزية تستطيع ممارسة الضغوط عليها , وفقاموا بتمرير قرار يعتبر مخالفة صارخة للدستور الليبي بقرار حكومي برئاسة الفكيني وليس تشريعي لعدم إستشارة برلمانات الولايات في تغيير شكل الدولة وتم تمريره رغم أنف السلطات المحلية وأقنع الملك الذي يملك ولا يملك صلاحية من هذا النوع ...


ودخلت البلاد حينها في نفق مظلم ومن حينها تفشى الفساد في جميع مفاصل الدولة وإقيلت ستة حكومات في ستة أعوام حتى قال أهالي طرابلس في شوارعهم " إبليس ولا إدريس " , وفعلا هذا ما حصل .. فبسبب تمركز السلطة في طرابلس كان من السهل على مجموعة من الملازمين أن ينقضوا عليها بعد أن البلاد في إستقرار سياسي بسبب شكل الدولة الفيدرالي وتوزع السلطات وعدم تمركزها وبالتالي صعوبة أن يقوم الجيش بأي إنقلاب فيها .


ودخلت ليبيا أربعين عام ونيّف من التيه والضياع في ظلمات ليس لها قرار , رغم تمرد برقة بين الحين والآخر على إبليس حتى إمتلأت سجون طرابلس بشباب برقة وأرتكبت فيهم أبشع المجازر ورغم المحاولات العديدة من ضباط ونبخب برقة في قطع رأس الأفعى في عقر دارها , إلا أن محاولاتهم كانت دائما توأد في روادها ..


وتتالت السنون والعقود حتى بزغت شمس برقة الحارقة وأعلنت تمردها وخرج ماردها من قمقمه بعد إن إستلهمت من تضحيات أبنائها على مر التاريخ , وبدأت حينها حرب التحرير من برقة في أول صرخة ضد إبليس لم يكن حتى أهالي طرابلس يتوقعونها وإنبهروا من شدة ما رأوه من برقة ولم يصدقوا أنه يوجد في ليبيا من يستطيع قول لا لإبليس ويجابه الرصاص الحي بصدور عارية , وكسرت برقة حاجز الخوف الذي تمنّع على الكثيرين في ليبيا طيلة عقود .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأمثال الشعبية الليبية

غـــنـــــاوي وشـــتـــــاوي على ( الــــقــــــديـــــــم )

ما بي مرض غير دار العقيلة.. للمجاهد الفقيه رجب بوحويش