عيشة هلنا


قفشات من ثراتنا العريق ...
الصناعات التقليدية بين الملبس* ?والمأكل

أ- الصناعات التقليدية متنوعة، وتنفذ بخامات مختلفة، وهي أشغال يدوية في مجملها مثل: أشغال النسيج بأنواعها وصناعة الأواني من الفخار والنحاس أو نجارة الخشب، وأشغال تستخدم فيها خامات الديس والحلفاء، وسعف النخيل، والليف والجريد، وكذلك إعداد بيت الشعر في البادية والأغطية والمفارش والعباءات، والأحزمة وأغطية الرأس للرجل والمرأة تعد من الصناعات التقليدية.



فالنسيج، يشمل نسيج العباءات والجرود والأحزمة وأغطية الرأس ونسيج المفارش والأغطية (كالمرقوم) و(الكليم) و(الحمل) و(الوسادة المديد)، ونسيج أجزاء الخيمة (كالفليح) و(الطريقة) وكل المنسوجات تستخدم فيها أصواف الأغنام ووبر الإبل وشعر الماعز، وتنفذ بأدوات بدائية تقليدية كالمسدي والنول، وغالباً ما تقوم بها المرأة في البادية والريف باستثناء ما يقوم به الرجال من منسوجات حريرية وقطنية وصوفية-نسبة إلى الصوف- باستخدام الأنوال التقليدية.

أما صناعة الأواني من الفخار والنحاس ونجارة الخشب فهي من الصناعات التي يقوم بها الرجال، وهناك أشغال تستخدم فيها خامات محلية كسعف النخيل والليف والجريد ونبات الحلفا والسمار فهذه يقوم بها الرجل والمرأة على السواء.

وفي البادية وعلى وجه التحديد يقوم الرجال والنساء ببعض الصناعات التقليدية التي تتوفر خاماتها في البيئة المحلية، يتوارث طريقة صنعها وإعداد خاماتها الأبناء عن الآباء، كان هذا قبل العقد الخامس من القرن العشرين -أما الآن فإن معظ هذه الصناعات التقليدية انقرض، واستعيض عنه بمصنوعات عصرية تنتجها آلات حديثة متطورة.

ومن الصناعات التقليدية التي كانت تعرف في البادية ويقوم بها الرجل وأبناؤه صناعة الشباك وملحقاتها وخامتها من نبات الحلفاء الصحراوي الذي يوجد في اغلب مناطق ليبيا وخاصة في الاراضي الجبلية.

وطريقة صنعها بسيطة ومعقدة في نفس الوقت فهي بسيطة على من مارسها علميا وكرر التمرين على تنفيذها أكثر من مرة وهي معقدة على من يجهل أصولها حتى قيلث على سبيل التندر ان الذي يقوم بصناعة اردية الحرير استغرب كيف تصنع الشباك عندما نظر اليها لأول مرة حيث كانت عبارة عن حبال يتقاطع بعضها مع بعض في تداخل عجيب.

فالشباك تصنع بواسطة حبال تؤخذ من نبات الحلفا الصحراوي بعد معالجتها بالدق والفتل والبرم ويستخدم في تنفيذها أربعة أوتاد تدق على شكل متواز تمد بينها حبال تقاطعها حبال اخرى بحيث تصبح على شكل مربعات تضيق وتتسع تكيفا مع استخدامها المطلوب ويصنع البدوي نعاله وهي البلغة والمداس من جلد الماعز المدبوغ كوجه من أعلى ومن اسفل يستعمل جلد البقر او البعير هذا بالنسبة للبلغة.

أما المدارس فهو من سيور متينة يتكون منها الجزء العلوي ومن جلد البعير يكون الجزء السفلي.

ويقوم الرجل بصناعة القفاف والمراوح والمطارح (توازير من سعف النخيل ومن نبات الحلفا الخشنة (القديم) كذلك يصنع من القديم مفارس تسمى حصران مفردة حصيرة وزنابيل وعدايل.

والمرأة في البادية تقوم بنسيج (الفلجان) مفردها فليج والطريقة وتصنع آغلب ملحقات البيت (بيت الشعر) وأغلبها من أعواد السدر الصلبة زوازل ومواثق (اوتاد) وحبال من الصوف والشعر تسمى (ثله) وتصنع الحمل والوسادة والمخلة والخرج والغرارة.

ومن الطين (الفخار) يصنع الرجال أواني للطبخ كالبرمة والكسكاس والبوني والداقرة والطاجين وأواني للماء هي مشارب تسمى باقوله جديوه - جره - ابريق - وهذه الصناعة تشتهر بها مدية غريان والبلدات القريبة منها - القواسم - الرابطة - الكليبة - ككلة.

أما الاشغال التي يستخدم فيها سعف النخيل والجريد والليف فهي متنوعة الاستخدامات كحفظ التمور والحبوب والاشياء الصغيرة من المقتنيات بما فيها حلى النساء والمطيبات الجافة وغيرها ويصنع من الجريد زرايب (اخصاص) واسرة وسقوف للدور ومن الليف تصنع الحبال وهذه الصناعات توجد كلها في الواحات والسواحل حيث توجد اشجار النخيل ويقوم بصناعتها الرجال والنساء.

ومن أعواد السدر تبني اخصاص أو زرايب وتسمى ايضا عواشيش يحيط بهيكلها الاسطواني الشكل بوادي جمع بودي مصنوعة من نبات الحلفا أو أعواد نبات القمح بعد قطع السنابل ومن بعض أعواد النباتات الاخرى كنبات (السبط) او القرضاب وهذه الزرايب أو الاخصاص يسكنها البدو الرحل في فصل الصيف في المناطق الغربية من ليبيا عوضا عن بيت الصيف المصنوع من القماش في المناطق الوسطى والشرقية.

صناعة الاطعمةوالشراب

واستخراج الزيوت النباتية والدهون الحيوانية

في هذا الجزء من هذا المبحث يرى الباحث استخدام كلمة اعداد بدلا من صناعة وذلك لان الصناعة في تعريفاتها العلمية هي مواد اولية ومواد حافظة وآلات وأدوات وخبرة وتقنية وموقع محدد في شكله واتساعه وعلوه وما شابه ذلك من شروط لازمة وغالبا ما يكون موقعه في المدن او قريبا منها حيث التجمعات السكانية الكثيفة التي تستوعب انتاجه الغزير.

اما ونحن نتحدث عن الطعام والشراب والتحضير الغذائي على اختلاف اعداده والمواد الداخلة في تحضيره فمن رأي الباحث كما سبق وخاصة وهو يتحدث عن البادية والريف فيما يتعلق بالمأثور الخاص بالطعام والشراب وما في حكمها من احتياجات غذائية أن يكون عنوان هذه الجزئية.

كيف تعد الأطعمة والأشربة في البادية والريف ؟

أولاً : الأدوات اللأزمة لاعداد الطعام / رحا،رقعة، غربال ، سقّاط أو زرّاد ، قدر، كسكاس ، المغرف، أو الغرفية، الحماس ، السدادة ، البرمة، البوني، الطابونة ، القصعة ، القدح ، الركوة.

-الرحا/
وهي الأداة الأولى اللازمة لإعداد الطعام ، وتتكون من حجرين أحدهما هو الأثقل وهو السفلي ،أما العلوي فيكون أخف ثقلاً يثبت في الحجر السفلي عود من خشب الزان ، أو من الأشجار الصلبة العود كالزيتون أو الرمان ، يسمي قلب الرحى .

ويوضع في الجزء العلوي الذي يدار باليدين حول قلب الرحا عود من الخشب يثبت بواسطة ( التارشة) في ثقب جانبي من هذا الجزء من الرحا الذي يسمى (فردة)

ووظيفة الرحا هي تفتيت حبوب القمح والشعير الذي هو عماد غذاء الناس في البادية والريف.

- الرقعة/

والرقعة عبارة عن جلد شاة غير منزوع الصوف ،معالج ببعض المواد الحافظة له من التسوس والتلف ،وهي مواد تؤخذ من بعض الأشجار والنباتات البرية الموجودة في البيئة ، ووظيفة الرقعة هي تلقي الحبوب بعد تفتيتها عندما تتساقط بين فكي ( فردات ) الرحى.

- الغربال /
ويأتي دور الغربال بعد جمع الطحن من الرقعة فيستخدم في غربلته حيث يسقط اللين من الدقيق والذي يعد منه ( البازين) ويبقى الأحرش ، الذي يعد منه الملثوث إذا كان المطحون شعيراً والكسكسي إذا كان المطحون قمحاً.

-القدر والكسكاس والسدادة/

ثلاثة من مقتنيات البيت البدوي متلازمة دائماً ،ومشتركة في الوظيفة ،فالقدر وهو الأداة الرئيسة في إعداد الطعام ،يصنع غالباً من النحاس ، ،ويطلى من الداخل بنوع من الطلاء يسمى القزدير يمنع عنه الصدأ وشكله مخروطي بحيث يتسع من الاسفل ويضيق نوعا ما أعلى وله عروتان من الجانبين يشد منهما عند وضعه على النار وعند تنحيته وتثبت المرأة في هاتين العروتين عودين لتضغط عليهما برجليها عندما (تعصد) البازين ويستعمل القدر ايضا لطبخ اللحم وأنواع من الحساء والطبيخ الآخر كالفول والعدس والحلبة طبيخة (النوافس) ويطبخ فيه الأرز والدشيشة و(المحمصة).

ويلازم القدر الكسكاس وهو مصنوع من الفخار في الغالب الذي يوضع فيه الكسكاس لينضج بالبخار الناتج عن فوران القدر، عندما يُطبخ فيه اللحم أو أي نوع آخر من الطبيخ.

والكسكاس له ثقوب من اسفل تسمح بتسرب البخار إليه من داخل القدر وهو ايضا يأخذ شكلا مخروطيا على ان يكون قطر اسفله اضيق من قطر فوهة القدر بحيث يدخل أسفل الكسكاس في أعلى القدر ويسد بينهما بالسدادة التي لا تسمح بتسرب البخار الى الخارج والسدادة عبارة عن خرقة نظيفة من القماش بعرض عشرة سنتيمترات وطول ذراعين تقريبا.

القصعة -
من مقتنيات البيت الرئيسة التي لا غنى عنها اطلاقها وتصنع محليا من جذوع شجر الزيتون واحيانا تجلب من الخارج مصنعة من انواع اخرى من الخشب الصلب مثل الزان وغيره والقصعة يوضع فيها الطعام بعد اعداده في صورته النهائية ان كان بازيناً او كسكسياً او نوعاً آخر من أنواع الاكل.

وللقصعة دلالات معنوية كثيرة في المأثور الشعبي فهي كما يقولون (قصعة وسعة) والقصعة كبيرة ومولى قصعة وفي المنظوم "يا زين قصعة أوخي*** منين شاملوها ثلاثة ويازين رشقة طبقها طير حايز امباته".

وكلها اشارات الى ان صاحب القصعة يتصف بالجود والكرم فهو حاتم زمانه ويتفاخر الناس في البادية بإكرام الضيف إلى أبعد حد ويتسابق الولد ووالده في الإسراع لاستقدام الضيف كل إلى خيمته ليحظى بشرف إكرامه وتقديم العون له

وعودة إلى إيضاح معاني التعبيرات السابقة وهي | قَصْعَة وسَعَة" والقصعة كبيرة و" صاحب قصعة" ،تعنى هذه التعابير كلّها معنى واحداً هو الكرم الحاتمي لمن يتصف بها ، أما أغنية الرحى المنظومة فهي أيضاً تتغني بصفة الكرم التي يتحلى بها ، أخ قائلة النص ،فالمرأة هنا تفتخر بكبر قصعة أخيها التي حملها إلى ضيوفه وهم ثلاثة أشخاص وتصف غطاء تلك القصعة وهو (الطبق) ،وتشبهه بطائر الصقر الذي نتعرف عليه ضمناً حيث تعارف أهل البادية على إطلاق اسم الطائر مجرداً من الإضافة على الصقر أو الطير الحر ، وفي هذا التشبيه إشارة أخرى إلى الفخر والاعتزاز والكبرياء .

-سقاط أو زراد:

هو غربال يصنع إطاره من حديد الزنك وكذلك شباكه يصنع من قضبان حديدية رقيقة على شكل متوازيات تقاطعها متوازيات أخرى بحيث تكون المربعات الصغيرة التي تتكون نتيجة لهذا التقاطع أكثر اتساعاً من مربعات الغربال الذي تقدم ذكره ،ووظيفته وطريقة استخدامه هي نفس وظيفة وطريقة الغربال إلاّ أن الزراد أو السقاط يستعمل لغربلة الدشيشة ،وفصل الشعير أو القمح عن الشوائب المختلطة معها .&

الصناعات التقليدية بين الملبس والمأكل

أ- الصناعات التقليدية متنوعة، وتنفذ بخامات مختلفة، وهي أشغال يدوية في مجملها مثل: أشغال النسيج بأنواعها وصناعة الأواني من الفخار والنحاس أو نجارة الخشب، وأشغال تستخدم فيها خامات الديس والحلفاء، وسعف النخيل، والليف والجريد، وكذلك إعداد بيت الشعر في البادية والأغطية والمفارش والعباءات، والأحزمة وأغطية الرأس للرجل والمرأة تعد من الصناعات التقليدية.



المغرف والغرفية:

المغرف اسم يطلق على عصا غليظة مفلطحة من أعلى بمقدار عشرين سنتيمترا تقريباً، ومعالجة نجارة وصنفرة لتصبح ناعمة حتى لايلتصق بها عجين البازين عندما تستخدم في ( العصيدة) ومن استخداماته الأخرى تحريك اللحم في القدر، وما يوضع في القدر من مواد عضوية غذائية أخرى، أما الغرفية فهي عبارة عن عود متين من أغصان الزيتون أو من خشب الزان، بها تجويف من أعلى يصنع بطريقة الحفر ولها يد مستقيمة يبلغ طولها ذراعاً تقريباً، وتستخدم لأخذ عينة من المرق أو الطبيخ لمعرفة إذا كان هذا الطبيخ يحتاج إلى الملح أو لاختبار نضوج اللحم أو الموجودات في القدر.

- البرمة والبوني والطابونة:

البرمة: قدر من الفخار متوسط الحجم يستعمل لطبخ جميع أنواع الطعام عدا البازين وكذلك يطبخ فيها اللحم وأنواع الحساء، ويحفظ فيها اللبن والحليب، أما البوني فهو صغير من الفخار يطبخ فيه الإدام بجميع أنواعه، ويستعمل لطبخ طعام الأسرة التي لايتجاوز عدد أفرادها الثلاثة، وهو قدر الزوجين في بداية حياتهما الزوجية عادة.

والطابونة: حفرة في الأرض مغطاة جدرانها بطين خشن شبيه بالفخار تستخدم لانضجاج الخبز المحلي فقط.

- القدر والركوة والزلفة:

القدح إناء يصنع من جدوع الزان أو الزيتون أو أي شيء آخر يتميز بالصلابة، وكذلك الركوة والزلفة، وما الاختلاف بينهم إلا في الأحجام، فالقدح متوسط الحجم والركوة أكبر منه بقليل أما الزلفة فهي نوعان، نوع صغير جداً لا يتجاوز قطره قُطر راحة اليد، ونوع آخر كبير نوعاً هو بحجم القصعة المتوسطة دون الكبيرة، أما الاستخدامات لهذه الأنواع من الأواني فهي بالنسبة للقدح والركوة فاستخدامها واحد تقريبا فهما وعاء لحفظ اللبن والحليب، ولماء الشرب ويستخدمان كذلك لحلب الأغنام والإبل والبقر، ويستعمل القدح لعبك الزميتة ويقدم فيه طعام الفرد الواحد من الأسرة.

- الحماس:

وهو وعاء آخر من الأوعية اللازمة للبيت في البادية وهو رفيق للرحى والغربال، حيث تبدأ به عملية طحن الحبوب لإعداد الدقيق على اختلافه من سويق، ودقيق أبيض، كما يقال - إلى ( قليه) وإعداد الفطائر وأنواع أخرى من الخبز المحلي.

والحماس يشبه السقاط إلى حد كبير ولا اختلاف بينهما إلاّ في السطح الذي تحيط به الطائرة ( الاطار) فالحماس سطحه من حديد الزنك الذي يصنع من الاطار خلاف السقاط الذي سطحه من شباك تكونه أسلاك متقاطعة من الحديد.

- البراد والعالة:

وهو وعاء آخر من الأوعية التي تتوفر في البيت البدوي، وهو من الضروريات التي لا غنى عنها، ولا يستعاض عنها بغيرها، وتلازم البراد العالة أو العدالة كما تسمى في المناطق الشرقية، والعالة هذه تتكون من مجموعة من كؤوس من الزجاج صغيرة يصب فيه الشاي بعدإعداده ، والصفرة التي توضع فيها كؤوس و( المنقل) الذي يوضع فيه الفحم المشتعل لانضاج الشاي، والمروحة التي تستعمل في تأجيج النار، وهي من سعف النخيل، والبراد صناعة خارجية يجلب عادة من الصين، وهو وعاء من حديد مطلي من الداخل والخارج يتحمل الحرارة العالية ويحتفظ بها لمدة كافية، فوهة تغلق وتفتح عند الحاجة يصب فيها الماء ومادة الشاي الأخضر أو الأحمر مع اضافة السكر عندما ينضج الشاي، وله أيضاً مخرج يأخذ وضعاً على شكل انحناء بحيث يعلو فوهة البراد كي لا يخرج منه الشاي عند فوران الماء، ويستخدم البراد في البادية لطبخ الشاي فقط، وفي حالات يطبخ فيه البيض.

الشكوة والمسلخ والمزود والعكة:

تصنع الشكوة عادة من جلد الماعز، ينزع من الجلد الشعر ويدبغ بمواد الجداري، لها قاع يربط بسيور متينة من الجلد، واحيانا تربط بخيوط تعد من الصوف وشعر الماعز تسمى "شميط"، ولها فم يُربط هو الآخر عند الحاجة تستخرج منه كتل الزبدة أثناء عملية "المخيض؛ والشكوة من أوعية أهل البادية الضرورية لصناعة مشتقات الحليب زبدة ـ سمن ـ لبن، وهي من لوازم الرعاة الضرورية جدا لأنها الوعاء الذي يحمل شرابهم، ويستعمل لحلب الإبل والماعز، وشكوة الرعاة أصغر حجما من شكوة المرأة في البيت التي تستخدم في صناعة الحليب ومشتقاته على نطاق واسع.

أما المسلخ، فهو شكوة صغيرة من جلد جدي صغير تحفظ فيها الزبدة إلى حين معالجتها لاستخراج السمن منها.

والعكة هي الشكوة نفسها، إلا أن العكة غير منزوعة الشعر ويتم سلخ الجلد من الذبيحة بطريقة تختلف عن سلخ جلد الشكوة، وتستعمل العكة لحفظ السمن واللحم المقدد وزيت الزيتون.

أما المزود ويعرف باسم آخر هو "الظبية" فهي تماما كالشكوة ولاتختلف عنها إلا في أغراض الاستخدام، فالظبية أو المزود لحفظ الدقيق والدشيشة والمحمصة والسويق.

المهراس والرزام:

يصنع المهراس من جذع الزيتون وكذلك الرزام، ويختلفان في الشكل والاستعمال فالمهراس مجوف بطريقة الحفر، والرزام معالج بطريق النجارة، ويستخدم المهراس والرزام لدق التوابل والبهارات، وبعض الخضراوت، وينفرد الرزام بدق الأوتاد في الأرض وتليين نبات الحلفاء.

هذه هي حصرا مقتنيات أهل البادية والتي تعرف "بالماعين"، أما عن مقتنيات أهل المدن المنزلية فهي تزيد وتنقص عن مقتنيات أهل البادية، فلا وجود للشكوة والمسلخ والركوة والمزود والرحى والحماس والرقعة والطابونة فهذه أدوات لاتصلح لأهل المدن ولا هم في حاجة إليها لأنهم في غنىً عنها بسبب توفر بديل عنها يغني عن استخدامها، بينما هناك أدوات ولوازم بيتية تفرضها ممارسات العيش في المدن مثل: الصحون والملاعق "كواشيك" ومفارش المائدة وكؤوس المشارب المختلفة "وبكارج" إعداد القهوة والطواجين، وأدوات صناعة الحلوى وغيرها، وإذا ما تحدثنا عن المقتنيات العصرية والتي فرضتها الحضارة والتطور، فإننا نجد الكثير من الأسماء للمقتنيات المختلفة والاستعمالات المتعددة سواء في المدينة أو البادية والأرياف والتي باتت لابادية ولاريف، فقد نالتها جميع الأدوات العصرية والحداثة والمدنية التي عمت على الجميع في كل مكان.

الأشغال الرقم والتطريز:

تتم أغلب أشغال الرقم والتطريز على المسدى والأنوال، أو "القرقاف"، فالمسدى معروف على نطاق واسع منذ القدم، وكذلك النول فهي أدوات تستخدم لأغراض نسيج أردية وعباءات وحوالي ولحافات مختلفة الأشكال والألوان تستعمل فيها خامات متنوعة كالصوف والحرير والقطن، وعلى هذه المنسوجات يتم الرقم والتطريز فيضفي كلاً منهما على الثوب أو المنسوج بهاء وجمالا فالرقم مثلا وهو الذي يتم أثناء النسيج، يتكون من رسومات تشكيلية نمطية في الغالب تضيف إلى النسيج لمسة تلفت النظر، وتبعث في النفس إحساساً بالجمال.

والرقم دائما يتم أثناء النسج على النول أو المسدى، أما التطريز فهو على "القرقاف" وتقوم به نساء المدن، وخاصة الفتيات الصغيرات، حيث يعد من إعداد البنات وتدريبهن على شؤون المنزل، ويقوم الرجال أيضا بخياطة الملابس الفاخرة وتطريزها، وهم فئة خاصة من أهل المدن يعرفون "بالفراملية"، وذلك لأن أغلب المطروزات هي فرامل وزبونات، وسراويل وبدعيات يرتديها علية القوم، والتطريز هو أشكال زخرفية نمطية بواسطة "الخرج" وأسلاك الفضة والقصب.&

الخيمة* .. ?بيت البدوي

الخيمة (بيت الشعر)

الخيمة أو (بيت الشعر) هي بيت البدوي أو منزله يقيمه حيث شاء في الفضاء الواسع، على ضفاف الأودية وفي الأرض المنبسطة والوهاد، بين ربوع البادية صيفاً وشتاءً، وهي مأواه المفضل يضجع فيه ليلاً هو وعياله، ويمارس فيه عيشه، ويستقبل ضيوفه يصنع فيه أدباشه، ومؤونة معاشه، ومستلزماته الحياتية المختلفة، والخيمة أو بيت الشعر علامة بارزة في حياة البدوي من الناحية المادية والمعنوية، حيث نجدها في ألوان التراث المتعددة تذكرها الأمثال والتعابير الشعبية، ويتغنى بها الشعر، وصفاً وقيمة ويأتي ذكرها في الحكايات والنوادر.

فهي كما يقول الشاعر الشعبي:

"الخير في بيت الشعر وأطنابه ولا هوش في حوشن مسكر بابه".

وفي الأمثال والتعابير الشعبية "البيت كبير والعشي شعير والبيت بيت والعشة عشة" و"ولد بيت" و"بيت كبير ورسوة". ونقول فلا ولد (بيتية).

ووصفاً نقول بيت بوكم أو بيت عشريني و"نحسابوه بيت على ستة وهو عشه على عمود" أو "بيت بونا والناس بيسالونا وليا طلقتها ما توريهاش بيت بوها" والأمثال والتعابير الشعبية التي تذكر البيت (الخيمة) كثيرة والمنظومات الشعرية أكثر.

الخيمة وملحقاتها

الخيمة: (بيت الشعَر) هي سكن البدوي في ليبيا ينقلها حيث يشاء بين فينة وأخرى، يقيمها على أعمدة، ويضرب أطنابها في الأرض في الأودية والوهاد، وعلى الأرض البراح حيث يمتد البصر إلى مدى بعيد حتى الأفق.

وبيت الشعر بالنسبة للبدوي رمز يعتز به، وهو عنوان للجود والكرم.

تصنع هذه الخيمة (بيت الشعَر) من الصوف المخلوط بشعر الماعز بعد المعالجة المتوارثة، وهي عملية بدائية تتم غزلاً، ونسجاً، وصباغة، فهي تتكون من مجموعة من الفلجان -جمع فليج أو فلجة- والكلمة عربية صحيحة - والفليج نسيج يتم بواسطة المسدى البدائي المعروف في البادية، والذي يتكون من أعواد بسيطة كل يؤدي وظيفة خاصة، والفليج يبلغ طوله في العادة عشرين ذراعاً وعرضه ذراعاً واحداً تقريباً، وبعد أن تتم عملية نسج الفلجان تخاط هذه الفلجان بخيط من نفس خيوط النسيج بحيث تقرن جميع هذه الفلجان فيتكون منها البيت كقطعة تشكل جسم البيت متكاملاً فيصبح عرضه عشرة أذرع وطوله عشرون ذراعاً، ثم تُخاط في وسطه (الطريقة) بحيث تقطع عرضه من بداية فليج الطرف الأمامي والذي يسمى (الشارب) إلى نهاية الفليج الأخير الذي يثبت فيه ستار الرواق الخلفي، والبيت تلحق به لوازم وملحقات وأدوات بعضها من الخشب وبعضها من الحبال وأخرى من نسيج وغيرها من قماش وما شابه ذلك.

وهذه بعض مسميات هذه اللوازم والأدوات التي تلحق بالبيت والتي في مجموعها تكون بشكله العام.

- الفليج: هو كما قدمنا نسيج من خليط الشعر والصوف مصبوغ باللون الأسود، وحاشيته بيضاء في بعض المناطق ويسمى البيت الأسود، وفي مناطق أخرى لا يصبغ باللون الأسود، بل يبقى على لونه الطبيعي الذي يميل إلى الأبيض ويسمى البيت الأبيض بيت المناطق الغربية من ليبيا، والثاني: بيت المناطق الوسطى والشرقية.

- شارب البيت: هو الفليج الأمامي من جهة المدخل للبيت، فهو بمثابة الشارب "الشفة" من الفم، ويثبت بها الستار الأمامي (الرواق) ويسمى: الرجل في البادية، المنطقة الشرقية.

- الطريق: نسيج من نفس مادة الفليج خيوطها ملونة وبها بعض الزخارف ، وهي تفصل بين الأعمدة التي ترفع البيت والفلجان وهي تقطع عرض البيت من الأمام إلى الخلف، وهناك طريقة أخرى تفصل بين أعمدة الرفه وجسم البيت في الجهة اليمنى من البيت، ومثل هذا في الجهة اليسرى.

- الأعمدة: هي جميع الأعمدة التي ترفع البيت عن الأرض وتفصل بين (الطرائق) -جمع طريقة- وجسم البيت.

- الشرعات: أعمدة ثلاثة برأس كل منها فرعان ترفع الخيمة من الوسط والجانبين.

- الأطناب- الرمام: هي حبال من خامات مختلفة كالحلفاء والليف أو (المقط، السباولو) أو من شعر الماعز تشد الخيمة بالأوتاد.

- المواتق: هي الأوتاد التي تشد الخيمة إلى الأرض وتتوزع حول الخيمة من الأمام ومن الخلف ومن الجانبين.

- الرفة: هي الجزء النازل من الخيمة على الأرض من الجهتين اليمنى واليسرى.

- الستار: جزء مفصول عن الخيمة وليس من نسيجها يثبت في الفليج الأخير من الخيمة وينسدل حتى يلامس الأرض وهو خلف القرطاس.

- الخالفة: هي الركن الخلفي من الخلفية، وعلى وجه التحديد زوايا البيت الخلفية.

- الذري: ويسمى الرواق والسناح في بعض الجهات، وهو حاجز من أعواد وحطب يمنع الرياح عن الخيمة ويشكل حماية لها.

هذه هي أغلب ملحقات الخيمة وأدواتها ومسمياتها المختلفة وخاصة في المناطق الغربية من ليبيا ولا تختلف المناطق الشرقية والوسطى عنها إلا في بعض المسميات، ولون الخيمة وشكلها العام وبعض الأجزاء البسيطة، فعلى سبيل المثال نجد ما يسمى بالكم والرفة، والجمال، وعمود الخماسة، والرِّجَل والمثبت والشازورة، والملطة والخياطة، وشريكة الخياطة والكربة.. كلها مسميات لأجزاء في الخيمة ومن ملحقاتها في المناطق الشرقية، تختلف عنها أسماء في المناطق الغربية فما يسمى في الشرق: الجازل يسمى في الغرب العميرة، والكربة في الشرق، تسمى في الغرب القرطاس، والمثبت يسمى موثق، والميجنة هي الرّزام، وهكذا مع عدم الاختلاف لا في الوظائف ولا في الشكل.

والخيمة أو بيت الشعر يتكون من اثني عشر فليجاً في الحد الأدنى: ستة تسمى الصفحة الأمامية وستة الصفحة الخلفية، وتزداد فلجان البيت في الغالب أزواجاً، فأحيانا يتكون البيت من عشرين فليجا ويسمى في هذه الحالة بيت (عشريني) وعندما يكون طول الفليج الواحد عشرين ذراعاً أيضاً يسمى (عشريني).

والخيمة (بيت الشعر) في منطقة الوسط والشرقية من ليبيا تتكون من فلجان مقرونة مع بعضها، وترتيبها كالآتي: الرجل- الملطة- البدن- الكحال- الخياطة- شريكة- الخياطة، وهذه كلها فلجان تكون سطح الخيمة الأمامي ومثلها وبنفس الاسم يكون سطح الخيمة الخلفي، وتفصل بين السطح الأمامي والخلفي الكربة التي تدخل فيها الركيزة أو الجابر، وأحياناً تتضاعف الفلجان فتكون في البيت خياطتان وشريكتان وبدنان وملطتان ورجلان، وكحال واحد في السطح الأمامي فيصبح عددها واحدا وعشرين فيكون بيتاً كبيراً تبلغ مساحته ضعف مساحة البيت العادي، وهذا لا يكون إلا في بيت الربيع كما يطلق عليه، أما بيت الصيف فهو أقل حجماً وجودة من بيت الربيع حيث يصنع عادة من الخيش والأقمشة القديمة، ولونه أبيض ليمتص حرارة الشمس، وله أروقة تزين من الداخل بمربعات ومستطيلات ومثلثات ملونة تؤخذ من أقمشة زاهية هي عادة من رقع قديمة كالأردية والقمصان وغيرها، أما ملحقات البيت فهي المقدم، والجابر، والكم، والشازوره، والخلّه، والكربة، والمثبت، والجازل، والرواق، والطريقة، والحمال، وعمود الخماسة&


المواسم الزراعية* .. ?عـــــرس الأغنــــــــام

جز الأغنام ..

أما عن جز الأغنام ، فهي عملية يقوم بها رعاتها وأصحابها على السواء وفي موسم معروف غالباً ، ما يكون وقته في نهاية شهر إبريل (الطير)، ومع بداية فصل الصيف حيث ينقطع هطول الأمطار ويميل المناخ إلى الحرارة فلا يخاف أصحاب الغنم عليها بعد ذلك من البرد ، وعملية الجز في حد ذاتها هي إزالة صوف الغنم بمقص خاص يعرف (بالجلم) يكون الموال أي صاحب الغنم قد أعد ه إعداداً من هذه الآلة اليدوية مسبقاً، إما بشرائها جديدة أو بإصلاحها . وذلك بسنها عند خبير يشتغل بهذه المهنة من المقيمين عادة في القرى القريبة من مرابع البدو ، حيث تربى الأغنام بأعداد كبيرة في أراض رعوية على أطراف الصحراء ، وفي الأودية والوهاد التي تنزل بها كميات من المطر كافية لإثبات العشب الذي تعيش عليه قطعان الأغنام.

المربع الملون

> " نَوارَةْ عَفَا يا ضَانْ كَلوهَا اللّي مَارَودّوا".

> " يدّارا يْريدْ ذَرَاكْ الكَبشْ فِيهْ لبْرَادْ يَا غَلَم".

> " البئِرْ بُوجَوَابي بيضْ حَتَّى وْهي رَوَايَا تْشُوشَلهْ".

> " لفيِظَة عَقَابْ دِيَارْ كَذَّابْ يَا جَلمْ مَانَكْ لهَا".

> " فِيَهَا اطْنَاشنْ أَنْقَرنْ عَندَهْ رَبَاعَيةْ سيدْ الغَلمْ".

> " تَسْوىَ اطْناشْ أَلفْ عَندَهْ رَبَاعَيةْ سِيدْ الغَلمْ".

> " خَتلْ الذَّيبْ تَالي ليل لقَى عَنَاقْ بَيْضةْ طَقْهَا".

> " عَليكْ بِالثَّنيِ يَاضَمانْ إلّا الْكبَشْ لَا فِيلهْ وَخَمْ".


وفي النص السادس يتحسر ويعض على أصابعه ندما، حيث إن ما أراده لنفسه هدفاً وغاية بعدما نال في سبيله المشقة والتعب، حصل عليه غيره دونما جهد ولا عنت.

أما في النص السابع فالرمز فيه واضح حيث الاستعارة صريحة تشير إلى الجنس في وضوح تام، والكبش هنا يعني به الرجل أما الضان أو الغنم الذي يريد القرب منها- يدانا- فهي المرأة.

ونجد في النص الثامن إشارة إلى أن الأفضل والأجمل في الكناية- البئر بوجوابي بيض- يرده كل منا ولو به اكتفاء شبعا وارتواء- حتى وهي روايا تشوشله- فالجميل يحرك في النفس الرغبة ومحاولة القرب طلبا للنشوة والانشراح.

أما في النص التاسع فالأمر مختلف حيث نجد الرمز هنا قصد به التعريض والسخرية، فهذا الذي يعنيه واستخدم في وصف الكناية، "الفيظه عقاب ديار"، هو رجل ليس في مستوى من يطمح إلى الاقتران بها، فهو ليس ندا لها، كما أن هذا الجلم "المقص" لا يقدر على قص صوف تلك النعاج.

وفي النصين العاشر والحادي عشر وفيهما في المتن عدا البداية في كل الرمز وهنا يشير إلى إحدى بنات صاحب الغنم وقد استعار القائل "الرباعية" وهي نعجة في أفضل عمرها- السنة الثالثة.

أما القرون التي ذكرها النص وعددها "أطناش"، أثنا عشر فهي ترمز إلى شعر الفتاة، وفي قوله "تسوى": يرمز إلى مهر الفتاة أي أنها على جانب كبير من الجمال والمكانة الاجتماعية، فهي ابنه "الموّال" صاحب الغنم لذا تستحق المهر الغالي "أطناش ألف".

وفي النص الثاني عشر يوضح لنا علاقة جنسية غير مشروعة تمت بين رجل وامرأة في السر، وهو ما أشارت إليه الاستعارات- ختل: بمعنى الحذر والتخفي- الذيب: ويعني به الرجل- عناق: رمز للمرأة.

أما النص الثالث عشر فهنا التعريض بالرجل المسن الذي أصبح غير قادر على معاشرة النساء جنسيا، وفيه يطرح البديل "الثني" الشاب في مقبل العمر، ويقول إن هذا الكبش "لا فيله وخم"، والوخم مرض يصيب الكبش عندما يصبح كبيرا بالسن.

وهاتان أغنيتان من أغاني جز الغنم وردتا على شكل حوار بين رجل وامرأة، سؤال يطرحه الرجل في ريبة وشك، وجواب ترده المرأة تؤكد فيه كيف أصبح حال الرجل:-

1- الرجل "بَرَمْ الْكَبَشْ رَأسهْ دَاخْ فَقَدْ رَبَاعْيَهْ مَايْ فِي الْغَلَمْ".

2- المرأة "طَاحَنْ قُرُونْ الْكَبَشْ بَدَي نَعَجَةْ مَا عَادْ فَادْنِي".

سؤال وجواب الأول فيه استفسار عن خروج المرأة من بيتها فيه حيرة وشك غير قاطع "رأسه داخ".. فقد رباعية ماي في الغلم- وترد المرأة الجواب في سرعة خاطر وحضور بديهة تعريضا بما آل إليه حال الرجل.

وهنا نقف على حادثة ربما وقعت فعلا في الحياة، غير أني استبعد أن يحدث هذا في مجتمع البادية النقي الطاهر حتى ولو أن هذين النصين قيلا في تلك البيئة بالطبع لارتباطهما بتلك الممارسة جز الغنم الذي هو من سمات أهل البادية، وأرى أنهما وردا على سبيل المداعبة والتندر ليس إلا وفيهما من الطرافة وقوة السبك، ورشاقة العبارة، وسهولة اللفظ ما جعلهما على الألسنة عبر الأجيال، وإن كان فيهما من التطرف الأخلاقي ما لا يحدث في الحياة إلا نادراً.

ز- وسم الإبل:

هذه ممارسات عملية يقوم بها مربو الأغنام والإبل، وهم في الغالب من أهل البادية، وجز الغنم ضرورة طبيعية لابد من القيام بها، أما وسم الإبل فهو واجب يفرضه العرف، حيث يكون وسمها بعلامات فارقة تميز بين ما يملكه كل من الذين يربونها، والوسم في حد ذاته علامات توضع على رقبة البعير أو على أنفه أو أحد قوائمه، وهو عبارة عن كي بالنار يترك أثرا يعرف بالوسم، ويختص كل مالك لقطيع من الإبل بشكل خاص، يسمى "عزيله"، والبعير الذي لا وسم له يسمونه "أرنب" باعتبار أنه مثل الأرنب التي في البراري، وهي من الحيوانات المتوحشة التي تعيش في الصحراء حيث توجد الإبل، ويندر أن تجد بعيرا دون وسم، إلا إذا ضلت أمه عن القطيع قبل أن يولد، أو بعد ولادته بشهور أي قبل فصل الوسم وهو وقت الشتاء، وقد يكبر هذا البعير وينفصل عن أمه، فيصبح أرنبا حيث لا وسم له، ولكن في البادية ونتيجة للفراسة التي يتمتع بها بعض الناس، يتعرفون على الإبل الضالة والتي ولا وسم لها من لونها وشكلها وتركيبة هيكلها، ومضان ورودها على الماء، وأماكن مراعيها والوسم له أشكال عديدة، متعارف عليها عند أهل البادية في ليبيا من مربي الإبل، ويفصلون بينها بأسماء توارثوها عن سابق عهد مثل: "البو ماضي والعرضاوي"، ولكل قبيلة وسم خاص بها، ولكل لحمة أو أسرة أو عشيرة كذلك، وأحيانا توضع علامات فارقة بين ما يملكه الإخوة من الإبل أو الغنم، والوسم تختص به الإبل والغنم فقط أما البقر فلا وسم له لأنه لا يربى في قطعان كثيرة العدد، وإن وجد فهو في حظائر لا يبرحها فلا يخاف عليه من الاختلاط بغيره، ولا يذهب بعيداً في الصحراء
يتبع

العلاقات الأسرية*.. » ?أبو العيلة* «?

مكانة الأب في الأسرة

الأب في الأسرةالبدوية له مكانة خاصة بين أفراد الأسرة التي تتكون من الأب والأم والأولاد إناثاً وذكوراً ، فهو رب الأسرة الذي لايعصي له أمر ويؤخذ رأيه في كل شأن من شؤون الحياة التي تتعلق بالأسرة في محيطها الخاص ، وهو أيضا مندوب الأسرة بخصوص الحل والعقد مع باقي الأسر التي تتكون منها الجماعة أو اللحمة ، وبالتالي القبيلة ثم العشيرة على نطاق واسع ، والأب إلى جانب دوره الاجتماعي ، يقوم أيضا بالدور الاقتصادي الذي يمس حياة الأسرة ، فهو مدبر شؤونها الحياتية ، والمتصرف في ما تملك الأسرة من الممتلكات المنقولة وغير المنقولة ، والأب تؤول إليه جميع الأموال التي يكسبها هو والتي يكسبها الأبناء من وراء نشاطهم الاقتصادي على اختلاف مواردها.



ويختص الأب بالمركز الممتاز بين أفراد الأسرة - الأم والأبناء - فهو المبجل الأول والمقدم في كل شئ لايقرر أي من أفراد الأسرة قراراً دون أخذ رأيه ، ولايتصرف في شأن من الشؤون العامة أو الخاصة إلا بموافقته ، ولا يتحدث في حضرته إلا باحترام وحياء وتبجيل وتقدير ، له الصدارة في المجلس ينهي ويأمر ، ويعطي ويمنع ، ويحدد مهام أفراد الأسرة ، ويشرف على كل كبيرة وصغيرة، وطاعته واجب يؤديه الجميع دون تذمر ولا اعتراض.

هكذا هي مكانة الأب في الأسرة الليبية سواء في البادية أو القرية أو المدينة ، مع بعض التباين فيما يخص العادات والتقاليد والعرف الاجتماعي.

والأب في المأِثور الشعبي :ارسوة ، بابا العيلة ، يضربك ويضرب عليك ، بوك اللي يربيك ، بونا راجل أمنا ، اللي ما يربيهش بوه يربوه ليام ، بوك ما تواجهه اللي مات بوه دار الهم في قلبه، اللي مات بوه متوسد الركبة واللي ماتت أمه متوسد العتبة، صاحبك خليه وصاحب بوك ما تخليه.

وفي تعابير المرأة : البو كبده غليظة ، وتقول في المنظومات:

1- اتريت الجمل ما يحنن

وتريت الحنانة م الأم

على الهازلة والمريضة

يا بوي كبدك غليظة



2- اعالي الكرب بيت باباي

يا زين ميعادنا فيه

وفمه انفتح للبرودة

أحنا والميمة الودودة



3- ابوي هاني بالمال قلل فيده

خلا نديدي وباعني لنديده.



4- اللي سيدها في الماعيد

اللي سيدها تحت اللحاد

تنباع بالسوم غالي

هاذيك حالها كيف حاليب.



5- أنا بوي ركاب بودير

صبتي وضبح على خير

وفوقه الستارة جديدة

دعس جري والسَّطل فيدهب



6- بوي جمل حمل لثقال

وبوي علي وسعة البال

وخيار الرفق ما يلايم

قلبه شديد العزائم.



7- اأنا بيت بوي ومنزله وترابه

حتى جدب عندي ربيع وصابه



8- وفي العلم : اجايب عوايد يدبوه

عصاة شرف من يومن أوعيب.

والمنظومات في شأن الأب كثيرة لايحيط بها هذا المبحث إحاطة كاملة وسنوردها في الملاحق شأنها شأن المنظومات التي وردت عن الأخ والأخت والأم والنسيب وغيرها .

وما هذه النماذج التي سنقوم بتحليلها وتبسيط معانيها وشرح المنغلق من ألفاظها إلا تدليل على ما قلناه في شأن الأب.

فالنص (1) يشيد بالأم وحنانها وعاطفتها المتأججة نحو أبنائها ذكوراً وإناثاً ويعترف للأم بهذه الخاصية المتأصلة فيها ، وينكر على الأب عدم اهتمامه عاطفياً بالأبناء ، بل ويصفه بغلظ القلب ويشبهه بالجمل الذي لايهتم بشأن الإبل الضعيفة والمريضة.

أما النص (2) فنجد المدح والفخر بالأب تنطق به الأبنة وتذكر أن أباها له بيت كبير ، وكبر البيت وما يحويه من فاخر الأثاث (البتات) علامة عز وثراء ، وهي تجتمع فيه مع إخوتها وأخواتها وأمها وتجد فيه الراحة والطمأنينة.

أما في هذا البيت من (بروجيله) (3)فهي تهجو وتنتقد وتحتج على أبيها الذي أهانها بسبب المال كما تقول (هاني بالمال) وتردف (قلل فيده) تدعو له بقلة الكسب نتيجة للطمع،وتذكر أنه باعها،وبيع الفتاة عن زواجها مستهجن ممقوت وخاصة بين أهل البادية فهي تقول:ترك نديدي أي ندي الذي قريب مني بالسن وزوجني نديده،أي شيخ في عمره.

وفي هذا النص (4) تذكر أن التي مات أبوها لايسأل عنها أحد فهي مهملة لاشأن لها ولايتحقق لها مطلب ولا تلبي لها رغبة ، وحتى زواجها لا يعلن ولايحتفل به وقد تعطى مهراً زهيداً أما التي أبوها حي يرزق (في الماعيد) فهي لها شأن وذكر ومهر عالٍ ويحتفل بها وتبجل وتحفظ لها كرامتها.

أما في النص (5) فنجد الفخر بالأب الذي يقتني الجياد الأصيلة ذات السروج المطهمة ، وكذلك الخدم والمعاونين الذين يقومون على شؤون حاله وممتلكاته.

هنا في النص (6) تمدح أباها وتذكر صفاته الخلقية وتعددها،فهو سمح كريم متواضع له بال واسع وأريحية كريمة وهو قوي الاحتمال صبور شديد العزم،وهو أيضا في رفقته للأخرين.

وفي النص (7) بيت من (بورجيله) تلخص فيه قائلته مشاعرها وحنينها، والتشبث بأبيها وبيته، ولو كان بيتاً متواضعاً لاشأن له ولاذكر،فهو في نظرها بيت عز وسؤدد،تأوي إليه فرحة مطمئنة،ولو كان جدبا كما ذكرت..

وفي هذا البيت أو أغنية العلم النص ( تذكر أن الابن وهو ابنها بالطبع صاحب وجه وجاه كريم عزيز في قومه كما كان أبوه سابقاً، وهذا شأنه منذ صغره (من يومه أوعي).

كذلك النصوص المأثورة في شأن الأب من الكثرة بمكان بحيث لانحيط بها جميعاً في هذا الموجز ، وإنما نرجعها إلى بحث آخر وفي مساحة ستوعبها.



ب - العلاقة بين الأكبر والأصغر :

هناك علاقة ود حميمة بين الأكبر والأصغر من الإخوة ،مع حب وتقدير واحتام متبادل، فالأكبر من الإخوة له التبجيل والتوقير، وهو مهاب في نفس الوقت من طرف إخوته الصغار، ويعتبرونه بمنزلة الأب في غيابه، وله المشورة والرأى،يتصرف في شؤون الأسرة كما يشاء دون معارضة ، كذلك للأخ الأصغر حسن الرعاية والاهتمام والحماية من طرف أخيه الكبير،يوفر له احتياجاته،يقوم عليه ويحميه، وينصحه لايبخل عليه بالتوجه والإرشاد.

أما عن العم والخال، والأقارب والأنساب فلكل مكانته واحترامه،وله وضعه الاجتماعي بين أفراد الأسرة الكبيرة .

العم يرتبط بأبناء الأخ عاطفياً عن طريق العصبية ، فهو تجري في عروقه دماء الأصل (الأب بالنسبة له والجد بالنسبة للأبناء) فالدماء واحدة ، وكما يقال في التعبير الشعبي (الدم ما يولي مية)،و(الدم يفزع)،و(الدم غاطي العيب).

وهناك قول مأثور في النصح (إذا انظلمت عليك بعمامك) أي: عندما تتعرض للضيم والظلم والقهر والاعتداء عليك من طرف الآخرين الأغراب، فإن لك أعمامك ينجدونك وينصرونك ويقفون دونك دفاعاً عنك حمية وعصبية،لأنك جزء منهم،ما يلحق بك من اضطهاد ويعد هو في واقع الأمر تعدٍ واضطهاد لهم.

أما الخال فهو يأتي في المرتبة الثانية بعد العم،لأنه لايعتبر من عصبية ابن الأخت ، غير أنه من الناحية السيكولوجية،يعد صورة لابن أخته،يرثه في كثير من صفاته،وخاصة الخلقية ابالرفعب ?فأبن الأخت كما في الأمثال والتعابير الشعبية (الولد خال والشاهد ربي))،((الثلثين للخال والثلث فيه النزاعة) ، ((ما دام الخال في خير لين يكبرله ولد أخته)).

نجد في القول ((الولد خال والشاهد ربي)) أن ولد الأخت هو يماثل خاله في صفاته الخلقية ، وأن هذه الحقيقة أثبتتها التجربة،وخبرها الناس عبر الأجيال ، فهو كريم إذا كان خاله كريماً،وهو شجاع إذا كان خاله يتصف بالشجاعة ، وحتى في قدراته العقلية ، ومسلكه العام كالنظافة وحسن الهندام وغير ذلك من الأمور،وهو صورة طبق الأصل أحيانا من خاله .

وفي التعبير ((الثلثين للخال والثلث فيه النزاعة)) نجد المعنى ينحصر في أن للخال في أخلاقه لأبن أخته ، وتصرفاته ومظهره ومخبره اثنان من ثلاثة ، والثالثة له فيها مطلب ينارع فيه.

أما التعبير الشعبي ((ما دام الخال في خير لين يكبرله ولد أخته)) فهو يعني أن الخال في خير هانئ البال ، ينعم بالذكر الطيب وحسن السيرة بين الناس ، حتي إذا كبر ابن أخته فإن الأنظار تتجه إلى الأخير ، بأعتبار أنه وارث لصفات خاله،وحيث إنه في بداية حياته،خلاف خاله الذي يبدأ في العد التنازلي بالنسبة لعمره المحدود بالطبع،سيكون ذكره على كل لسان،وتعلو منزلته،ويشاد به ويثنى عليه،وينسو خاله،فأبن الأخت يطغى ذكره على ذكر خاله،ويصبح محط الأنظار ومعقد الآمال.

وللأقارب وضعهم الخاص بالنسبة لأفراد الأسرة،حسب درجات القرابة فالتبجيل والتقدير الاحتفاء يأتي على قدر ما في النفوس من مودة ومشاعر عاطفية نحو كل واحد ، هذا من الناحية النفسية، أما من الناحية الاجتماعية،فهي غالباً ما يفرضها الواجب والأعراف والتقاليد والعادات، ويلتزم بها الجميع نحو بعضهم البعض،ويحرص كل طرف على القيام بها وتأديتها على الوجه الأكمل،إلا فيما ندر.

وللأنساب مكانة مميزة بين أفراد الأسرة،حتي يكاد يكون الواحد منهم يعد من أفراد الأسرة نفسها،سواء النسيب بصفته،زوجاً لأحدى بنات الأسرة، أو كان أخا أو أباً لإحدى نساء الأسرة.

وفي الأمثال الشعبية (نسيب ولابن عمرقريب) بمعنى المكانة المرموقة واللائقة،والتي هي محل تقدير واحترام وأثرة وتبجيل دائما للنسيب،وابن العم.&


العلاقات الأسرية*.. » ?الخوت* «?

الأخ والأخت في الأسرة:



وإكرام الضيف عندهم،أولاً بالبشاشة في وجهه والترحيب به قولاً وعملاً،ومؤانسته والتلطف معه،وإشعاره بأنه محل تبجيل.

في محيط الأسرة الاجتماعي،يقدم الأخ في مكانته بين أفراد الأسرة عن الأخت،فهو مبجل أكثر منها،وتعطى له أولوية المشاركة في الرأي وتصريف الشؤون الأسرية،ويعول عليه في إنجاز مهمات كبيرة وخطيرة أحياناً خارج البيت،ورغبته واختياره يحسب لهما حساب عندما يقرر الزواج،خلاف الأخت التي يشترك الجميع،"الأب والأم والإخوة"وحتى الأقارب في أمر زواجها،ويمارس عليها حجر مفروض في كثير من شؤونها الخاصة،فهي عندهم قاصر حتى تنتقل إلى بيت الزوجية.

والأخ والأخت لهما نصيب وافر من الذكر في المأثورات الشعبية على اختلاف ألوانها من نثر وشعر،وقصص وخرافات،وألغاز وتعابير شعبية سيارة،وحكم وأمثال،وحتى النوادر وفكاهات الحديث.

المربع الملون



-1من أغانى العلم:

"عليك ميعدو حسّاد ضروك في غلا كان نافعك"

-2قصيدة البيت الواحد:

"لمع برق في تونس بديت أنوني

وأخيه ع الطماع وابدأ منّى"

-3من الأمثال:

"اللي تلمّه النمّالة في عام يطبّه الجمل في مرّة"

-4الشتاو:

"وين يخشولي مجموعة نحط الوشقة في المربوعة"







نجد في الأمثال الشعبية والتعابير السيارة المأثورة-مجهولة المؤلف-كثيراً مما يتناول الأخ بالنقد والاستهجان أو الإشادة وحسن الذكر،والفخر والمدح،وحتى السخرية والهجاء أحياناً.

هذا تعبير شعبي فيه نصح وإرشاد "خوك خوك ولا يغر بيك صاحبك"،ومعناه:أن الأخ في مكانته بالنسبة لأخته الشقيقة أو حتى الأخ من الأب فقط أو الأخ،هو من يعول عليه في الملمات،وعند الحاجة،وفي جميع الظروف التي تتطلب المساعدة وشد الأزر،أما الصاحب فهو لايخون ولا يغدر إذا ما كان صادقاً في صحبته مخلصاً وفياً.

وفي مثل شعبي يرد في كثير من الحالات والمواقف المعاشة بين أفراد المجتمع نجد "الخو العفن سلوم العدو"،بمعنى أنه قد يكون أخوك الذي ولدته أمك أو هو قريب نسباً في الأسرة أو القبيلة،أو العشيرة،ولكنه يركن إلى عدوك ويطلعه على أسرارك،ويتحالف معه أحياناً للإيقاع بك،وعرقلة مسيرتك في الحياة،فهو عليك ومع أعدائك.

وفي قول حكيم آخر ناتج عن تجربة أو ملاحظة دقيقة يصف حالة الإخوة فيما بينهم كما يجب أن تكون،وهي حالة سائدة إلا فيما ندر،وتعتبر الصورة الصحيحة المتعارف عليها بين أفراد المجتمعات نجد:"الخوت يتعاركوا في الغربال ومايكسروشي"أي أن المشادات أحياناً والملاسنات واختلاف وجهات النظر قد تحدث بين الإخوة ولكنها لاتصل إلى القطيعة والتباغض.

وفي تعابير شعبية سيارة ترد على ألسنة العامة تعبّر عن حقائق وتجسد مواقف نجد:"خوك يطيح قبلك"،الخو العفن غالب خواته"،بمعنى أن أخاك الصادق في أخوته والذي لاشك في نسبه،هو من يسقط قبلك في المعركة دفاعاً عنك وفداء لك.

أما التعبير الشعبي:"الخو العفن غالب خواته"،فيعني:أن الأخ الطالح الجبان الخائب العائب فعلاً وقولاً،هو من تراه يستأسد على أخواته الإناث فيضربهن ويسيء معاملتهن.

أما فيما يتعلق بالمنظومات الشعبية المأثورة التي تصور الأخ في حالات متعددة فنجد:

"الخوت للخوت عزوة ياخاليين القضية"

ويا خوي يامصعب الحرب على اللي رجاله شوية"

يقول النص:"إن الإخوة هم عون وسند لبعضهم،وخاصة في الظروف الصعبة،ويخلص إلى إثبات حقيقة وهي أن دخول المعارك مع الأعداء،هو مطلب صعب وغاية لاتدرك أما من كان رجاله ومناصروه قليلي العدد،فهو لايستطيع مقارعة الأعداء،ويفيد النص أن هذا أمر مسلم به،وبديهية لا جدال فيها"ياخاليين القضية".

وفي هذا النص الذي يتعرض إلى حقيقة اجتماعية،عاشتها قائلة النص تجربة واقعة،وصرحت بها معاتبة لائمة في حسرة وألم نفس شديدين:

"الخوت ماهمش عز وهم عزهم لنساهم

ويا تعس هاللي تقزن وإلا تهجل وجاهم"

نجد المرأة وهي كسيرة الجناح وخاصة بين أهل البادية تقدم إلى بنات جنسها نصيحة من تجربة عاشتها مرتين،مرة عندما مات أبوها وهي صغيرة قاصر تحتاج إلى رعاية وحماية من إخوتها الذكور،ومرة أخرى عندما تزوجت،ثم طلقت لسبب من الأسباب،فهي لم تنل الرعاية ولا الحماية والاهتمام بها وهي صغيرة وإنما عاشت يتيمة منبوذة تحصل على القليل من العيش واللباس،وهي بعد أن تزوجت ثم طلقت لم يُحفل بها،وإنما عاشت تلوك أحزانها لا من يسأل عن حالها،ولم تلمس أية مشاعر إشفاق عليها.

وفي موضع آخر تفتخر الأخت بأخيها،وتظهر مشاعر الود نحوه،وتمدحه وتجلّه،لأنه يكرم ضيوفه ويبالغ في الترحيب بهم.

"أنا خوي لاجوه خطار يظهر بساط وحصيرة

ويرمي المقزر على النار ويذبح ويختار خيرة

فهي تصف أخاها بأنه يبالغ في إكرام ضيوفه،حيث يفرش لهم البسط الغالية،ويسارع إلى أهله بأن يقوموا بإعداد الطعام،وهو عندما يذبح لهم ذبيحة فلابد أن تكون هذه الذبيحة من خيرة الخراف.

والأخ في العرف الاجتماعي الليبي بين أهل البادية والمدن سواء،هو الملاذ الأول والأخير للأخت في غياب الأب،وهو السند والعون،والحارس والراعي لجميع شؤونها إذا كانت قاصراً أو عندما تتزوج،وتفارق زوجها،فهو كافلها في الحالتين،وارتباطه بها وثيق مدى الحياة.

د-اللائق وغير اللائق:

ومن العادات السلبية أو المستهجنة التي تدخل في باب الذي لايليق،ويرفضها الناس وينكرونها على من يمارسها أمامهم وبحضورهم:عادة العطاس بصوت مرتفع،والتجشي"التقريع"والشرب بصوت ممطوط يثير الانتباه،والفساء الذي يحدث رائحة وصوتا،والتبول وقوفاً أمام الأشهاد،وعدم التستر عند قضاء الحاجة،والبصاق على الأرض في حضور الناس،والتثاؤب دون وضع الكف على الفم،وقص الأظافر أمام الحضور،وإدخال الإصبع في الأنف،كل هذه ممارسات وعادات تعتبر سيئة يستهجنها الناس ويصفون من يقوم بها بعدم الذوق.

أما عن "الميعاد"،وفض المنازعات،فهي عادات يمارسها في الغالب أهل البادية،حيث لاتوجد محاكم على اختلاف درجاتها ويفضل الناس دائماً الرجوع إلى العرف،لفض نزعاتهم وحل مشاكلهم اليومية العارضة.

وكلمة "الميعاد"يعنون بها اجتماع كبار الحي من أهل الحل والعقد الذين تعتمد مشورتهم ويؤخذ برأيهم،وتعتبر أحكامهم نافذة في الحين والتو.بمجرد عرض الإشكال موضوع النزاع،وهي أحكام ملزمة للجميع،وتنفذ في صورة الحق الأدبي والمعنوي،"حق وباطل" كما يقولون،ولا يلتفت إلى الحق المادي إلا في حالات قليلة تستوجب المصلحة العامة.

أما "الجبهية"فهي تتمثل في جماعة من الناس على هيئة وفد،يخرج لطلب الوساطة أو المهادنة أو يطلب اتفاقاً على أمر من الأمور،أو تنازلاً عن حق ثابت،من شخص بعينه أو أفراد من قبيلة أو عشيرة كاملة،والغرض من الجبهية إصلاح ذات البين،والسعي وراء السلام وتطييب النفوس،وتصفية الأجواء بين المتنافسين والمتخاصمين،والجبهية عرف توارثه الناس،ويحرصون على ممارسته كلما دعت الحاجة إلى ذلك،فهو يخلق أجواء من الود،وينزع الحساسيات من النفوس،ويستل الأحقاد والضغائن،ويجعل المتنازعين إخوة متحابين،"وما محبة إلاّ بعد عداوة"،كما يقولون.

أما اللوم،أو الملامة،فهي مقصد ينشد الناس من ورائه الخير والنفع العام والخاص،وعادةً ما تكون طلب حاجة أو عون ومساعدة من شخص معروف بمروءته وفضله،ليقدم العون والمساعدة،ولينحاز إلى المواقف الخيرة بالجاه والوجه أحياناً،وبالمال والمساعدات المادية أحياناً أخرى.

هذه هي بعض العادات،والأعراف والبرامج اليومية الشائعة أوردناها كشاهد ودليل مع الوصف والتحليل لبعضها.&


عن زيــــنـــــــة المــــــرأة* ?و البــيــــت الليـــــــبي* ?
أدوات الزينة الأخرى والمواد المستخدمة فيها:

الكحل: من أهم المواد التي تستخدمها المرأة الليبية في زينتها، وهو مادة حجرية داكنة السواد هي أصلاً مادة من رصاص، تسحق وتضاف إليها بعض المواد كعرق الذهب والسكر النبات وبعض الأحجار الكريمة الأخرى، وتحرص المرأة أو من يحضّر الكحل على أن يكون ليناً بدرجة كبيرة.

والكحل يستخدم في تزيين العيون وأيضاً علاجا ، وفي الشعر الشعبي: الكحل حجره واللين عدّابهْ وليا كحلو بالعين تدّاوا بَة

- الحناء:

تستعمل الحناء في تزيين اليدين والرجلين، فهي خضاب خاص بالمرأة دون الرجل تتزين به متى شاءت، والحناء عبارة عن أوراق خضراء مجففة تؤخذ من نبات يعرف بالحناء تسحق وتضاف إليها بعض العطور تصنع منها عجينة تضعها المرأة على يديها ورجليها مشكلة بها نقشات جميلة.

- السواك- المضغة- الزوز:

مادة تستعمل لتزيين الفم وتنظيف الأسنان، تؤخذ من لحاء نوع من الشجر، ويجلب من الخارج فهو من شجر يوجد في الهند والباكستان وفي بعض بلاد شمال أفريقيا كتونس والجزائر والمغرب وينبت في المناطق الجبلية.

- الزيوت بأنواعها:

تستعمل دهانات لشعر الرأس من أجل ترطيبه، وإكسابه اللمعان والقوة.

- العطور الجافة وهي:

الجدرة والخزامى والمحلب والقرنفل تحضر بطرق خاصة، ويضفر بها شعر رأس المرأة في البادية والريف، ولاتستعمل هذه المواد في المدن، وإنما هناك عطور بديلة، أغلبها على شكل سوائل، تقوم بتحضيرها مصانع متخصصة. وهي التي عمت الآن المدن والأرياف والبوادي.

ـ أدوات الزينة:

أبرز أدوات الزينة التي تحتفظ بها وتحافظ عليها المرأة هي : المكاحل والمراود، وهي مصنوعة من الفضة والذهب، وهذه تقتنيها المرأة الموسرة أما المرأة الفقيرة ومتوسطة الحال فتستخدم مراود ومكاحل من الخشب أو من المعادن الرخيصة، كذلك تحتفظ المرأة بزجاجات فيها ماء ورد أو زهر أو بعض العطور الأخرى ، وبالنسبة للعطور الجافة أو العربية- كما يطلق عليها الناس هذه التسمية- فإن المرأة تحفظها في (عُمرة)- وعاء مصنوع من سعف النخيل، تكون صناعته جيدة وفيها زخارف تجعل منها تحفة جميلة- وهذه العطور الجافة مثل الخزامى والقرنفل والجدرة والمحلب وما شابهها، هي عطور تقليدية كانت تستعملها المرأة في البادية والحضر إلى وقت قريب، أما الآن فإنها لم تعد تستعملها وإنما استعاضت عنها عطور تحضرها بيوت

التجميل.- الوشم:

الوشم هو عادة عربية توارثتها النساء العربيات، عرف في أغلب البلاد العربية، وخاصة بين أهل البادية، ، وكنا نراه إلى وقت قريب في بادية العراق والشام والأردن واليمن وفي بلاد الجزيرة العربية، وفي جميع بلاد الشمال الأفريقي.

والوشم هو وخز بالإبرة أو شلط خفيف بمشرط خاص في مواضع معينة من جسم المرأة كالوجه والرجلين فالوجه ترسم عليه وشمة تشبه جريدة النخلة تبدأ من وسط الشفة السفلى وتنتهي إلى تحت الدقن، وترسم وشمة أخرى وسط الجبهة تأخذ شكل الحجاب، وأحياناً توضع نقطة فوق الخد أو على جانب من أرنبة الأنف، وعلى اليدين ترسم أشكال مختلفة تحيط بالمعصم كالسوار وعلى الذراع من الداخل ترسم أحياناً غزالة أو سمكة أو أهلة أو نجوم، وفي الساقين من الخلف ترسم أشكال كالأجنحة أو جريد النخل أو يرسم خطان متوازيان بينهما وعلى جانبيهما نقاط صغيرة.

والرجال أيضا يرسمون وشماً على صدورهم أو زنودهم أو معاصمهم تصور وجه أسد، أو أفعى أو سيفاً ، ونسبة الرجال الذين يرسمون الوشم أقل بكثير من نسبة النساء، وخاصة في البادية ، وخارج المدن الكبيرة في الريف والبادية يحتفلون بيوم وشم الفتاة، وبعضهم يحسبه عرساً تذبح فيه الذبائح وتقدم الولائم لأهل الحي، ويكون وشم الفتاة عند البلوغ، أو قبل موعد زفافها بيوم أو أسبوع.

أما الآن فإن عادة الوشم قد اختفت، ولم يعد يُرى الوشم إلاّ في وجوه العجائز، وسوف يندثر تماماً بعد عقدين من الزمان على أكثر تقدير.

العمارة والسكن الشعبي:

الحوش- الزريبة- بيت الشعر (الخيمة).

المسكن هو من ضروريات الحياة البشرية سواء في المدينة أو البادية والريف، والمسكن في ليبيا يتنوع بين مبان قارة منها ما يبنى بالطوب أو الحجر أو الطين لها أسقف تؤخد من خامات مختلفة مثل الأخشاب، وجذوع النخيل والجريد، وهو مسكن أهل القرى والأرياف، ومنها مبان تشيد من الحجر ولها أسقف عصرية وتخطيط هندسي متطور، وتزويق متأنق ظاهر، وهذه مساكن أهل المدن، وفي البادية نجد الخيمة أو بيت الشعر- بيت الصيف، أو بيت الربيع- والزريبة والخص أو الكيب وهناك الشارقة، والعاشوش، وفي مناطق الجبل الغربي توجد كهوف حفرها وسكنها الناس إلى وقت قريب، وهي مازالت ماثلة للعيان حتى الآن.

هذه هي أنواع المساكن في ليبيا شرقاً وغرباً وجنوباً على أطراف الصحراء وفي الواحات الداخلة وعلى سواحل البحر.

وفي بسطة موجزة نأتي على وصف لهذه المساكن في كل من القرى والأرياف والبوادي والمدن وكيف تبنى؟ وما هي الخامات التي تستخدم فيها؟ ومن يقوم ببنائها وما هي ملحقاتها ولوازمها وكيف وصفتها المأثورات الشعبية؟ وما قيل فيها من أمثال وتعابير وحكم وشعر؟

الخص . الكيب. الزريبة.

هذه مسميات متعددة لنوع واحد من المسكن هو ما يعرف بين غالبية الناس في البادية والريف بالخص وما الاسمان اللذان ذكرناهما وهما (الزريبة والكيب) إلا مترادفان ينعت بهما الخص في بعض الأحيان ، والخص ربما جاءت تسميته بهذا الاسم لكونه خاصاً بالأسرة الواحدة تتخذه مسكناً لها لايشاركها فيه أحد، وله من هذه الناحية خصوصية الملكية الواحدة، والخص هذا تجمع مكوناته قبل أن يبنى بوقت كافٍ .

فهو يشكل من أعواد خشب ذات سمك وطول محدد تستخدم لبناء الهيكل العام، ثم من أعواد أخرى أقل سماكة وطولاً، وتوضع على مسافات متباعدة لتكون السقف، يطرح فوقها جريد النخيل الجاف في تقاطع مع الأعواد المذكورة، وهذا الجريد والأعود التي تشكل السقف تربط بحبال متينة، على شكل عقدات محكمة متصلة بالأعواد التي تكون هيكل الخص، وهناك في وسط الخص ركيزة هي الأطول والأمتن تلتقي عندها أعواد السقف جميعاً وتُشد معها بحبال متينة، وعند الانتهاء من بناء الخص يطرح فوق السقف نبات الديس ليشكل سطح السقف من الداخل والخارج، وتحاط جنبات الخص (بالبوادي) الذي هو عبارة عن نسيج لحمته والأعواد نبات (السبط) أو الديس أو سعف النخيل مشدودة شداً محكما بحبال رقيقة من الليف أو الحلفاء، وهذا البودي هو الساتر للخص وهو بمثابة الجدار، ومن أشكال الخص : المربع، ذو الزوايا الأربع وله أيضاً سقفاً ذو أضلاع أربعة، وهو أوسع مساحة وأعلى سقفً، واسمه الخص الجربي نسبة إلى جربة، ومن أشكاله المدور الذي يشبه الاسطوانة في هيكله والقمع في سقفه ويسمونه الأفريقي.

- الدار - الحوش - الكهف:

يطلق الناس في ليبيا اسم الدار على الغرفة الواحدة، أما الحوش فهو يتكون من عدة غُرف تكون في الغالب متقابلة تفتح أبوابها على بهو واسع يسمى وسط الحوش وهو غير مسقوف، وهذا النوع يُعرف بالحوش العربي، وغرفه تسمى الغربية وهي التي يفتح بابها ناحية الشرق وعكسها الشرقية والبحرية وبابها يُفتح جنوباً، وقبلية وبابها يُفتح نحو الشمال.

وفي المأثور الشعبي ((الغربية دار ونصف،والقبلية دار، والبحرية نصف دار، والشرقية مربط حمار، فالغربية التي قيموها (بدار ونصف)، هي التي تدخلها الشمس مدة طويلة، وهي محمية من الرياح التي عادة تهب من الغرب، أما القبلية التي قالوا عنها (دار) هي أيضا تدخلها الشمس فترة ليست بالقصيرة ومحمية نوعاً ما من الرياح، أما البحرية فهي (نصف دار) لأن الشمس لاتدخلها إطلاقا وغير محمية من الرياح بصورة كاملة، أما الشرقية، فهي (مربط حمار) لأنها غير محمية إطلاقاً من الرياح ولاتدخلها الشمس أبداً، ويقوم بتنفيذه عمال لهم خبرات مكتسبة (اسطاوية) من دون مخططات هندسية ودون مشرف مهندس .

وهناك الحوش الإفرنجي الذي له وسط مسقوف وبه غرف متجاورة أو متقابلة، وصالات للاستقبال والمعيشة وحمامات ومطبخ وشرفات وغيرها من الملحقات، وهذا هو سكن أهل المدن الحديثة، وأهل اليسار من سكان الريف والقرى المتاخمة للمدن، والحوش الإفرنجي ينفذ في بنائه بمواصفات ومقايسات هندسية عصرية، وتستخدم فيه الخامات والتقنيات الحديثة، وأصبح أخيراً فيلات ذات أدوار متعددة، وحدائق ونافورات، وزخارف (ديكورات) ومكملات زينة مختلفة.

وهذا النوع من المنازل أو البيوت أو الديار يقوم بتنفيذه فريق من العمال المهرة المختصين، وتحت إشراف مهندس مجاز ويؤثث البيت الحديث بأثاث عصري: أسرّة للنوم، ومقاعد وثيرة للجلوس، وموائد للأكل، وثريات للإنارة، ومكملات من التحف، توضع في الزوايا والأركان وبسط على الأرضية وستائر وشراشيف ووسائد وثيرة.&


د. التطريز

التطريز شغل يدوي تقوم به في الغالب نساء المدن ، وهو عبارة عن زخارف تشكل رسمات مختلفة الأشكال توشّى بها الوسائد وبعض المفارش وقطع القُماش المستخدمة في أغراض بيتية متعددة ، كما تستخدم أيضاً لتزيين بعض ملابس الرجال والنساء والأطفال .

ومن أدوات التطريز :

الإبرة (اليبرة) والميبر والمخيط ، وكلها تستخدم في تطريز معين ، فالإبرة وهي الغالب استعمالها في التطريزات المختلفة ، كتطريز ( الكردية ) : صدرية تلبسها المرأة مع البدلة الكبيرة في أيام معينة من أيام الفرح ، أو في مناسبات أخرى ، أو في يوم الطهور أو عندما تلبس المرأة ( صدارة بمعنى الاستعراض الذي تقوم به النساء يوم المحضر ، كما تستخدم في تطريز صدرية الرجل وسرواله ، أما الميبر وهي إبرة ذات طول وحجم أكبر من الإبرة الصغيرة ، فيستخدم في تطريز سروج الخيل ولوازمها المختلفة إلى جانب تطريزات أخر على الشراشف والوسائد والأبحر والبخشات وأغطية الأسرة والمفارش أما المخيط فيستخدم في خياطة بعض الجيوب والحشايا والغراير ولحمة قطع الحمل والفلجان التي يتكون منها جسم البيت بعضها ببعض .

والتطريز في حد ذاته عمل بيتي من أعمال التدبير المنزلي وهو من شأن المرأة مع استثناء بعض الرجال الحرفيين في المدن ، الذين يحترفون خياطة ملابس الرجال والنساء التقليدية وكذلك إعداد سروج الخيل ، ولا نجد في البادية من الرجال من يقوم بأية أنواع التطريزات ، خلافاً للمرأة في البادية التي تقوم بأنواع محدودة نمطية الشكل في بعض المنسوجات .

هـ . الحلي وأدوات الزينة

المرأة في ليبيا شأنها شأن المرأة في كل زمان ومكان ، تهتم بزينتها وترتب هندامها ، وتحرص على الظهور بالمظهر اللائق بين قريناتها ، وخاصة في مناسبات الأفراح وعند الزيارات الودية للأقارب والجيران ، فهي تختار ملابسها بعناية وتضعها بانسجام وترتدي الجديد والمفضل عندها حين تخرج لحضور حفلات الزفاف أو في مناسبات الأعياد وعندما تزور أهلها ومعارفها في المناسبات المتعددة ، والمرأة سواء كانت في الريف أو في المدينة أوحتى في ربوع البادية البعيدة عن العمران ، تتزين بالحلي على اختلافها ، والمصنوعة من الذهب أو الفضة وبعض المعادن الأخرى وتستعمل الحناء في تخضيب يديها ورجليها ، وتكحل عيونها بالكحل ، وتضع في فمها السواك ( الزوز ) وترسم حواجبها وترطب يديها ووجهها ببعض المواد الملمعة وتنقي أطرافها من الشعر ، وتعتني بشعر رأسها وتحرص دائماً على نظافة جسمها بالماء والصابون .

أ. بعض الحلي التي تتزين بها المرأة

المصوغات الفضية : كانت الحلي المصنوعة من الفضة شائعة الاستعمال ، وخاصة في العقد الخامس وما قبله من القرن العشرين وذلك لرخص ثمنها ، وأن الحياة الاقتصادية للسكان كانت لا تمكنها من اقتناء الحلي المصاغة من الذهب ، فكانت هذه الحلي عبارة عن خواتم ودبالج وأقراط وقلائد وبعض السلاسل والقطع الأخرى المثبتة فيها .. سنأتي على ذكر جلها في هذا المبحث .

الدبلج أو الدملج : كما يختلف الناس في نطق الكلمة من جهة إلى جهة أخرى .

والدبلج هذا عبارة عن صفيحة من الفضة بها نقوش غائرة وأخرى بارزة على جسمه من الخارج ، يشكل بواسطة الطرق والمعالجة باليد بحيث يصبح أسطواني الشكل ، تدخل فيه المرأة يدها ليستقر السوار بين الرصغ وأعلى الذراع ،يصنع من الفضة قديماً ، والآن أصبح يصنع من الذهب الخالص والموسرون من الناس يبالغون في حجمه ووزنه .

الخرص ( القرط ) : وهذا أيضاً كان يصنع من الفضة وهو عبارة عن حلقتين كبيرتين تقرنان بسير ، ويوضع على رأس المرأة بحيث تتدلى كل حلقة على وجه المرأة من يمين وشمال ، وهذا النوع من الحلي تتزين به المرأة من الذهب الخالص وبأشكال مختلفة وتتزين به المرأة في المدينة والبادية والريف على السواء .

القلائد :

وهي أنواع كثيرة أشهرها المحمودية ، وكانت هذه القلائد تصنع جميعها من الفضة وبعض الناس يغطسونها في ماء الذهب ، أما الآن فأصبحت كل القلائد تصنع من الذهب الخاص وأخذت أسماء عدة منها : الكردان - الشعرية - الخناق الكبير - وغيرها من الأسماء .

الطارة - الصالحة - القبب - لحصان - اللموز ، وهي : قطع فضية مشكلة تشكيلاً خاصاً ، وبأحجام وأوزان مختلفة وبها نقوش محفورة على سطحها الخارجي ، تتزين بها المرأة في البادية والريف ولا تستعملها المرأة في المدن وهي في حكم المنقرضة ، ولم تبق إلا في المتاحف ومعارض المقتنيات الشعبية التراثية .

الخواتم :

وتسمى المفردة منها ( خوصة ) تتزين بها المرأة في المدن والأرياف على السواء وتلبسها في جميع أصابع يديها عدا الإبهام في مناسبات أفراح الزفاف ، وتصنع قديماً من الفضة أما الآن فهي تصنع من الذهب والماس والديناميت.

الحديدة ـ النبيلة ـ المقاس: أساور تلبسها المرأة في يديها وهي عبارة عن سوار يكون من الفضة ومن الذهب الخالص عدا المقاس الذي يكون من مادة غير الذهب والفضة ، فهو من المعدن أو من مواد أخرى أحداها البلاستيك .

هذه هي الحلي التي تتزين بها المرأة في ليبيا في مختلف البيئات بعضها يعد الآن في حكم المنقرض ( تراث ) وبعضها لايزال مستعملاً تتزين به المرأة في المناسبات المختلفة .

الخلخال :

حلقتان تكونان على شكل أسطواني في الغالب تلبسهما المرأة في رجليها وتحديداً تحيط بالساقين من الكعبة إلى منتصف الساق تقريباً ، وتصنعان من الفضة المغطوسة في ماء الذهب ، أو من الذهب الخالص بالنسبة للنساء المترفات ، وفي التعابير الشعبية التي تقولها النساء من صاحبات المرأة المترملة حديثاً ( حنة وخلاخل وراجل آخر) من باب الدعاية والمواساة
الأزياء الشعبية أشكالها وألوانها


الأزياء الشعبية، وهي مختلفة شكلاً ولوناً، بعضها يخص الكبار وبعضها خاص بالأطفال، والبعض يتفرد بلبسه الشباب من الجنسين كل على حدة فهي أزياء تخص المرأة وأخرى خاصة بالرجال وهناك أزياء خاصة بكل فصل من فصول السنة وأزياء للعمل وأخرى لمناسبات الأفراح والأعياد والمواسم والجدير بالذكر أن الأزياء الشعبية على اختلاف أنواعها قد شملها التطور كما حدث لغيرها من مظاهر الحياة الأخرى سواء في البادية أم في المدن والأرياف فبعد أن كانت بسيطة في خدماتها ونسيجها وإعدادها وحتى في شكلها وألوانها أصبحت تصنع من أقمشة غالية الثمن ووشيت وطرزت وطالتها يد الصانع الماهر بالتهذيب والتزويق والابداع والتأنق وما إلى ذلك من الزخارف والاتقان..

الزبون أو كاط الملف
هذا لباس آخر يرتديه الرجل فوق القميص الذي يعتبر لباساً داخلياً ، ويلبس فوقه الجرد أو البرنوص ، ولا يرتدي الرجل العبي فوق هذا اللباس حيث لا تنسجم معه لا شكلاً ولا موضوعاً ، فارتداء العبي فوق كاط الملف يعد نشازاً ومدعاة للسخرية والاستهجان .
ويتكون الزيون أو كاط الملف من ثلاث قطع هي : السروال ، والفرملة أو البدعية ، والزبون جميعها من نسيج القماش الفاخر ، مطرزة كل قعطة من هذه القطع الثلاث بتطريز خاص يأخذ أشكالاً زخرفية متنوعة تشكل بواسطة مفتول الحرير الخالص بيدي صانع ماهر يستعمل فيها الإبرة فقط .


ونجد في قول المرأة إشارة لهذا النوع من اللباس الكثير من المنظومات ، منها على سبيل المثال :
يَازَيْن يَا لاَبَسْ الزِّيْنْ
يا اللّي ابْلادَهْ بَعِيدَهْ
عَلَى الصّدَرْ لاَبَسْ زَبُونَيْنْ
تفوزيل كَسْوهْ جَدَيدَهْ

فالمرأة في هذا القول تخاطب رجلاً غريباً عن الديار بقولها : " يَازَيْن يَا لاَبَسْ الزِّيْنْ " بمعنى يا جميل الهيئة ، وربما يتعدى إلى زين الأفعال أيضاً ، وتنعته بأن بلاده بعيدة أي أنه غريب عن الحي ، ثم تستطرد في البيت الثاني فتصف لباسه " عَلَى الصّدَرْ لاَبَسْ زَبُونَيْنْ " أي الفرملة أو البدعية والزبون .

وهذا اللباس يرتديه الرجل ويرتدي فوقه الجرد أو الحولي هذا اللباس الجبة ، وهي من نفس خامة الزبون والفرملة ، وهي عبارة على ثوب واسع فضفاض له أكمام تصل إلى ما فوق الرسغ بقليل .

القميص : هو ما يلبسه الرجل على جسمه مباشرة وهو كتان ( قطن ) ويسمى ( سورية ) يكون واسع الكمين عند أهل البادية ، ويكون ضيق الكمين ويقفل بأزرار ، وفي هذا الحالة ، يسمى سورية ( زليكة ) وفرنكة > وربما لهذه التسمية أسباب خاصة .

السروال : ويكون عادة من نفس قماش السورية وهو عبارة عن لباس واسع من أعلى ، وله رجلان تصلان إلى الكاحل ، ويربط بخيط حول الخصر يسمى ( تكّة ) وهو خلاف السروال الذي ذُكر ضمن القطع التي يتكون منها الزبون فهو غير مطرز وخاصة إذا كان القماش من نوع رخيص .

لباس الرأس

الكبوس : ويسمى في بعض الجهات الشنّة والشاشية ، وينعت أيضاً بالطاقية ، وهو غطاء للرأس ، وخاصة في الفصول الباردة ، فإذا كان فصل الصيف يكون لباس الرأس الطاقية البيضاء أو العراقية ، والكبوس نسيج من الصوف له شكل وعمق معين ، ويصبغ بالأحمر القاني ، والأحمر الفاتح وقديماً تلحق به نوارة أو شنوارة أو بسكل وكل هذه المسميات عبارة عن خيوط من حرير لونها أزرق أو أكحل تتدلى من أعلى الكبوس وتنسدل على الرقبة بشكل مائل ، والكبوس لا يصنع في ليبيا وإنما يجُلب من تونس وينفرد بصنعه طاقم خاص في حي خاص يُعرف بحي الشواشية نسبة إلى الشاشية ، ويلبسه الرجال في البادية والمدن سواء في تونس أو ليبيا وتختص كل جهة بلبس نوع من الكبوس فهو مميز بأنه لبس طرابلس أو بنغازي أو صفاقس أو غيرها من الجهات ، وهذا الاختلاف ناجم عن اللون ، وليس العمق أو الخامة.

أما الطاقية البيضاء أو العراقية فهي من قماش أبيض وبشكل يشبه شكل الكبوس ، وليس لها نوارة أو شنوارة وهي غطاء للرأس في فصل الصيف ، وأغلب الذين يلبسونها في المناطق الغربية من ليبيا وخاصة مدينة زوارة والبلدات القريبة منها .

وفي وسط ليبيا وعلى الأخص أهل البادية الذين ينتمون إلى قبائل كبيرة معروفة كأولاد بوسيف والمشاشية والزنتان والمقارحة والقذاذفة وأولاد سليمان ومعدان والفرجان والحسون وورفلة وكل القبائل والتجمعات الصغيرة البدوية أو التي من أصل بدوي فهؤلاء جميعاً يستعملون غطاء للرأس الزمالة ، أو الفافة ، وهي من قماش رقيق غالباً ما تكون ذات لون أبيض ، يلف بها الرجل رأسه ويسدل طرفها على رقبته ، ويتفنن بعضهم في لفها على الرأس بشكل مميز ويتأنق مخصوص يجلب الأنظار ، وتتميز كل قبيلة بوضعية خاصة على الرأس للفافة والزمالة كلمة فصيحة وردت في القرن الكريم أما تسميتها باللفافة فقد جاءت من وضعيتها شكلاً ، حيث يلف بها الرأس ، أما تسميتها بالخاصة فلعلها جاءت من خصوصيتها ، أي أنها تخص الشخص دون سواه .

الأحزمة :

والأحزمة جمع وهو ما يلفه الرجل على خصره لشد القميص إلى جسمه فالغرض من ناحية يعين على تماسك الجسد عند بذل المجهود العضلي ، ومن ناحية أخرى هو زينة تكمل جمال اللباس وتناسقه ، ومن أسماء الأحزمة ، القشطة وهي من قماش أبيض ، والكامار وهو من قماش ملون ومزركش ، والسبتة وهي من الجلد.

لباس الرِّجَل ( النعال )

في البادية والمدينة الرِّجَل في رجله يسمى ( بلغة ) ، وهي نعال وجهه من جلد الماعز أو صغار البقر ، وقاعه من جلد البقر أو البعير ، لها لسان من أعلى وعقب يلف العقب من الخلف تصبغ باللون الأصفر عادة وتكون ( مغزولة ) مطرزة بخيوط من حرير ، وفي هذه الحالة تسمى ( ريحية ) وتكون عادية بدون تطريز ، فالأولى نعال للوجهاء وعلية القوم ، والثانية للعامة من الناس ، وهناك نوع آخر من النعال يسمى ( مداس ) ينتعله الرعاة وعمال الفلاحة وضعاف الحال.

وفي الأمثال الشعبية " إمشي بالمداس لين تجيك الريحة "و"المَّدس ما يندري على الحفيان والراكب يقول سوقوا".هذه هي نعال الناس إلى وقت قريب مضى والتي أصبحت الآن في حكم الأشياء التراثية ، أما الآن فقد تطورت أحذية الناس فأصبحت عصرية ، منها ( السباط ) ( الكندرة ) و ( البوط ) و ( المداس ) و ( البلغة ) و ( الشبشب ) وأغلبها أسماء غير عربية تصنع في الخارج وتُجلب إلى ليبيا وهي ذات أشكال وألوان وأنواع متنوعة ، وخاماتها متباينة ، وطرزها مختلفة .

الألعاب الشعبية* .. ?بين أهل البادية والمدن

ألعابنا الشعبية كثيرة،ولها أشكال مختلفة وأساليب ممارستها متباينة،وهي ألعاب خاصة بالذكور،وأخرى تختص بها الإناث،كما توجد ألعاب يمارسها الكبار وغيرها ألعاب للصغار،ويشترك أحياناً في لعبة واحدة إناث وذكور من الصغار،ولا توجد ألعاب يشترك فيها ذكور وإناث من الكبار،وللناس في البادية والأرياف ألعابهم،وأهل المدن لهم ألعاب أخرى.

وإذا كانت للمدينة ألعابها التي قد تكون وافدة من الخارج نتيجة لدخول أقوام غرباء إليها إما عن طريق الهجرات أو بسبب التجارة التي يجلبها أشخاص وافدون،أو الغزوات أو بواسطة أهل المدينة نفسها عندما يسافرون إلى هذا الغرض ويعودون،فيأخذون معهم من الأقوام الذين تعاملوا معهم بعض الثقافات والمعارف والعلوم بما فيها التقاليد والعادات،وأنماط الملابس والسلوك والألعاب وبعض المهارات الخاصة،كذلك في البادية والأرياف ألعاب معروفة متوارثة،لها طرق وأساليب ممارسة متعارف عليها،ولها قوانين يحترمها ويلتزم بها الجميع.



وفي البوادي الليبية والأرياف،حيث التركيبة السكانية فيها قبلية بالدرجة الأولى،عربية إسلامية،نجد الألعاب الشعبية في هذه البيئة غالباً ما تكون ذات تاريخ قديم نوعاً ما،ربما يعود إلى أيام العرب الأولى قبل الإسلام وبعده،حيث نقلها العرب في هجراتهم الأولى قبل الإسلام من الجزيرة العربية،وتحديداً من بلاد اليمن،وحضرموت والساحل الشرقي لجزيرة العرب-العرب القحطانية-،ويعود البعض الآخر إلى الهجرات المتأخرة أيام الفتوحات الإسلامية في القرن السابع الميلادي.

يقول الأستاذ محمد المرزوقي"يمارس الناس في البادية ألعاباً كثيرة بعضها مختص بالأطفال،وبعضها مختص بالكبار،وبعضها يشترك فيه الكبار والصغار،وأغلبها له تاريخ ممتد إلى العصر الجاهلي قبل الإسلام،جلبته القبائل العربية النازحة إلى هذه البلاد.

وفي معرض محاضرة،عن اللعب والألعاب عند العرب ألقاها الدكتور عمر خليفة بن إدريس،ضمن سلسلة محاضرات في التراث،برعاية مجلس تنمية الإبداع،ألقيت على هامش المهرجان الوطني التاسع للفنون الشعبية والأغنية التراثية في مدينة شحات بتاريخ2002 - 9 - 24/18م.

يقول الدكتور المحاضر "اللعب نشاط ذهني عضلي،مارسه الإنسان منذ وجوده الأول،وأقامه على قواعد كان يبتدعها أولاً،ثم يتم تنظيمها والاتفاق عليها بعد ذلك".

وبعض هذا النشاط ظل يتطور ويتطور إلى أن أصبح فناً له أدواته ووسائله،وله عناصره ووظائفه،وأصبحت مزاولته من ضروب التربية والتهذيب،وكان كلما نما نمت معه رغبة مزاوليه في نيل ظفر ومتعة،وتجنب إخفاق وخيبة".

وقبل أن نبدأ في عرض بعض من نماذج هذه الألعاب تجدر الإشارة إلى أن الألعاب منها الرياضية،وألعاب المنافسة وألعاب الفروسية الاستعراضية،وألعاب "العراسة"وألعاب تصاحبها أغان،وخاصة ألعاب الأطفال من الجنسين.

فالألعاب الرياضية،وعلى الأخص في البادية أهمها لعبة


كرة "القَدَّةُ"أو "المعكاف"،والقفز الطويل،والمصارعة،وحمل الميت،أما ألعاب الفروسية الاستعراضية فهي معروفة على نطاق واسع بين أهل البادية والريف،وهي تمارس في شكل استعراض بمناسبة الأفراح-عرس أو طهور-وفي المواسم والأعياد،وعند استرداد الإبل المنهوبة أيام الغزوات،وهناك سباقات للفروسية غير منظمة يتنافس فيها المتسابقون بين سكان البوادي والأرياف.

أما ألعاب العراسة فهي متنوعة وتكاد تكون نمطية في الغالب وهي:شد الحبل،والهروب بالمطرق،وحمل الميت،والقفز الطويل والمصارعة،ولأن الألعاب الشعبية التي تخص الكبار والصغار من الجنسين في المدينة والبادية،من الكثرة بمكان،فإننا نسرد مسمياتها في هذا المبحث ونقدم نماذج منها تخص المدينة والبادية،والكبار والصغار من الجنسين:

-ألعاب أهل البادية:

وباعتباري أتحدر من أصل بدوي،فإني أستحضر من الذاكرة بعضاً من ألعابنا الشعبية التي كنا نمارسها ونحن صغار بين ربوع البادية،أمام الخيام،وداخلها،وفي ظلال الشجيرات،وفوق كثبان الرمال ليلاً عندما يظهر القمر صيفاً،ومن أشهر هذه الألعاب التي كنا نمارسها:لعبة "عظيم الساري"ولعبة "الرود"،ولعبة "حلّت"،و"الخربقة"،و"دجاجة عميا"،ولعبة "سيق وأربعة"،ولعبة "النقيزة"،ولعبة "الشارة"،ولعبة "المتخطيّ"،"والمصارعة"،و"رفع الميت"،"وخطف المطرق"،وهي من ألعاب "العراسة".

-ألعاب أهل المدن:

أما عن ألعاب أهل المدن،كباراً وصغاراً،إناثاً وذكوراً فهي كثيرة جداً،وخاصة ألعاب الصغار من الجنسين،والباحث،كان قد شاهد شيئاً منها عند استقراره في مدينة طرابلس أيام الدراسة الثانوية والجامعية،وعندما عمل في هذه المدينة في وظائف متعددة أهمها في مجال الإعلام والتعليم،إلاّ أنه لم يمارس أيَّاً من هذه الألعاب،وما سيقدمه من سرد لهذه الألعاب،هو ما بحث عنه واستقصاه،وحققه عن طريق الكبار من الجنسين،والقاطنين في أحياء المدينة لمدد طويلة من السكان الأصليين أو ما شاهده من ألعاب الصغار على الطبيعة في الأزقة والحواري.

يمارس الصغار إناثاً وذكوراً في المدينة-ألعاباً شتى،لعل أشهرها:

لعبة "النقيزة"و "دويرات العروسة"،"البشكم"،"ونط الحبل" ،و "الخميسة" ،و "السلطان جاكم"،و"الخليطة"،وهي كلها ألعاب خاصة بالفتيات.

ومن ألعاب الفتيان في المدينة:

"ألعاب الحبل"،و"الخاتم"،"ونط الجرد"،و"سباط الخانب"،و"الليرقة"،و"مفتاح طاح"،و"دور الطاقية"،و"الذيب"،و"الزربوط"أو "الدوامة"،و"كورة الجورب"،و"التير والبطش"،و"النشيبة"،و"الغرارة"،و"الدرجيحة"،"و"دح دح".

وحيث إن هذا المبحث لا يستوعب تناول كل هذه الألعاب الشعبية بالوصف والتحليل وتجنباً للإطالة التي قد تخرج بنا عن الغاية المستهدفة،فإننا سنتناول نماذج من هذه الألعاب في المدينة والبادية.

-من ألعاب البادية:

أ."لعبة عظيم الساري":تُعرف باسمها عند العرب القدامى"عظيم وضاح"،ويمارسها الأطفال في سن ما قبل البلوغ إلى الآن في كثير من الأقطار العربية،فهي معروفة بهذا الاسم في كل من الكويت والإمارات العربية والسعودية وتونس وغيرها،وفي ليبيا يلعبها الأطفال في البادية عند ظهور القمر في النصف الأول من الليل.

وصف اللعبة:

ينقسم اللاعبون في هذه اللعبة إلى فريقين دونما تحديد للعدد،ويأخذ رئيس أحد الفريقين عظماً أبيض ويرمي به في ظلمة الليل في اتجاه يحاول ألاّ يراه الفريق الآخر،وينطلق كل من الفريقين للبحث عن العظم،والذي يجده يبرزه في يده للفريق المنافس،ليركب هو وجماعته ظهور الفريق الآخر من المكان الذي وجد فيه العظم إلى المكان الذي رمى منه العظم،وهكذا تستمر اللعبة سجالاً بين الفريقين إلى أن يتعب الأطفال فيعلنوا انتهاء اللعبة وهذه اللعبة خاصة بالأطفال الذكور،ولا يلعبونها إلاّ ليلاً وغالباً في الليالي المقمرة وخاصة في الفصول المعتدلة.

الألعاب الشعبية بين البادية والمدن
ألعاب البنات

أما ألعاب البنات في البادية فنجد لعبة "يا حجيل يامجيل" ووصفها ...

يجلس الأطفال من الإناث والذكور وإن كانت اللعبة تمارسها البنات أكثر من الفتيان في حلقة ويدفن كل واحد إحدى يديه تحت التراب ويتولى المجموعة بداية اللعب وذلك بأن تجمع أصابع يدها كأنما تقبض على شيء ما وتضرب فوق الأيدي المدفونة تحت التراب من اليمين واليسار أو العكس وكل ضربة تساوقها كلمة من الكلمات المسجوعة الآتية:



ياحجيل يا مجيل وين كنت البارح في جنين صالح حميصة والإقريصة؟ إش كليت من تفاح ومن نفاح هاذي تعيا وهاذي ترتاح

وعندما تسمع اللاعبة كلمة ترتاح عندما تضرب قائدة اللعبة فوق يدها تجذب يدها وتتحلل من اللعبة وهكذا تستمر اللعبة إلى أن يجذب الجميع أيديهم ويضعونها تحت الإبط هنا تقول قائدة اللعبة بصوت مسموع طابتش الخبزة؟ بمعنى "هل نضجت الخبزة؟" فتجيب إحدى اللاعبات "هانا نرحوا" بمعنى "نقوم بطحن الحبوب " تعيد الأولى طابتش الخبزة؟ فتجيبها أخرى "هانا نغربلوا" بمعنى نحن نقوم بغربلة الدقيق"

وهكذا تستمر الأسئلة والأجوبة عن موعد نضوج الخبزة إلى أن تقول إحدى اللاعبات "طابت طابت" فتقوم السائلة بتحسس الأيدي الموضوعة تحت الآباط فإن وجدت أحد الأيدي باردة بصقت عليها فتعلو ضحكات البنات وتعليقاتهم وهكذا تنتهي اللعبة.

وكما قلت هي لعبة أنثوية أكثر منها ذكورية وهي من ألعاب أطفال البادية والأرياف أما ألعاب النساء والكبيرات في السن فهي محددة لأن الألعاب وخاصة التي بها مجهود عضلي لاتليق بمجتمع النساء

ج لعبة الخربقة

هي لعبة شعبية مشهورة على نطاق واسع وخاصة في البادية تعتمد بالدرجة الأولى على الذكاء في معرفة طريقة لعب الخصم وعلى المناورة والحيلة وتضليل المنافس عن ملء المربعات بالأحجار وهي لعبة خاصة بالرجال يتقابل فيها المشهورون في هذه اللعبة في مباريات قد تستمر لأيام ويسافر بعضهم إلى بعض في بلدان متباعدة تفصل بينها مسافات طويلة وهذه اللعبة تشبه إلى حد كبير لعبة الشطرنج ولعبة الدامة ولااختلاف بينهما إلا في اختلاف الحجارة بين الخصمين وإذا كان من مآخذ على هذه اللعبة فهي انها تهدر كثيرا من الوقت وتعتبر مدعاة لتضييع الوقت وسببا من أسباب كسل الذين يدمنون عليها فتجدهم منكبون عليها لساعات طويلة في الأسواق وفي الساحات وأمام الخيام في ربوع البادية.

ووصف هذه اللعبة أن يصنع اللاعبان تسعة وأربعين دارا هي عبارة عن حفرة في كثيب متوسط العلو يشكلونه من الرمل على أن تطمس الدار الوسطى لتترك حرة دون أن يضع فيها حجر من كلا الاعبين واللعبة يتبارى فيها اثنان يناصر كل منهما فريق من المشجعين يبين كل لصاحبه كيفية تفادي الخطأ ووجوب المناورة.

واللعبة تتلخص في أن تغلق الحفرة الوسطى وهي التاسعة والأربعون وتسمى الباب أو دار المالح والحفر الباقية وعددها ثمان وأربعون وهي التي يتحرك فيها اللاعبان بعد أن يملأها كل منهما بحجارته التي تسمى كلابا وهي أربع وعشرون لكل منهما على أن تكون هذه الكلاب متبانية اللون فبعضها يكون أسود والبعض الآخر يكون أبيض.

طريقة اللعب يضع كل من اللاعبين حجارته في الديار أو المنازل التي يختارها ويعقبه كل منهما الآخر في إنزال الحجارة أو الكلاب حتى تعمر المنازل جميعا ثم يبدأ كل من اللاعبين في تحريك كلابه واحد بعد الآخر وكل كلب يقع بين كلبين للخصم يعتبر ميتا ويقال له "كلبك مات" قبل أن ينزعه فإذا قال له خلا يموت نزعه الخصم وألقى به جانبا واللاعب المنافس قد يطلب الهف والهف عبارة عن وجود كلبا بين كلبين للخصم مع وجود منازل فازغة للتحرك وعلى اللاعب الذي وجب عليه الهف أن يسلم كلبين للخصم.

وهذه اللعبة الخربقة تحتاج إلى مهارة وذكاء ومقدرة على التكهن وإدراك طريقة الخصم في اللعب وتحتاج إلى مران طويل وتفكير عميق وخبرة في انزال الكلاب وهي تشبه لعبة الشطرنج وتحتاج إلى تفكير طويل وذكاء ومقدرة على التكهن إن لم يفطن إلى مناورة الخصم.

د. الزربوط

ومن ألعاب المدينة بالنسبة للأطفال الذكور لعبة الزربوط وهي لعبة جماعية يمارسها الأطفال في الحواري والأزقة والساحات المتسعة بين دور الحي.


وصفها هي أداة من الخشب ذات أحجام مختلفة تصنع على شكل حبة الكمثرى ولها أسماء متعددة مثل الزغدة والحبوسي والكركاش والفركاحي وغيرها من الأسماء التي يسميها بها الأطفال ويتعارفون عليها وللزربوط سن حديدية توضع في أسفله وهي التي تصيب الهدف عندما يبدأ اللعب.

وطريقة اللعب تبدأ باتفاق الأطفال على أن يضع أحدهم زربوطه في دائرة يخطها الأطفال أنفسهم بفحمة أو طباشيرة ثم يأخذ الأطفال الآخرون في لف زرابيطهم بخيط رفيع ويطلقونها بقوة محاولين إصابة الزربوط الموضوع داخل الدائرة ويسمى الحطيطة فالذي يصيب الحطيطة إصابة مباشرة يأخذ اللاعب.

زربوطه في يده قبل أن يكمل دورانه ويضعه فوق الحطيطة فإذا لم يوفق وضع زربوطه داخل الدائرة ليكون حطيطة بدوره وهكذا تستمر اللعبة إلى وقت يتفرق فيه الأطفال بالرجوع إلى بيوتهم.

هستك مستك ياعروسة

من ألعاب الصغيرات في المدينة هذه اللعبة التي تمارسها الفتيات دون العاشرة وهي تجسد مشهدا من مشاهد الزفاف أو العرس الذي ستعيشه الفتاة في مستقبل حياتها عندما تكبر وتزف إلى عريسها واللعبة تتلخص في قيام صغيرتين بتشبيك أيديهما ليصنعا مجلسا تجلس في ثالثة وتحيط بهن مجموعة من الفتيات يمثلن مجموعة النسوة السائرات فيه موكب العروس ويرددن هذه الكلمات: مستك مستك ياعروس شيباني وإلا قطوس أو أي كلمات أخرى مسجوعة ومنظومة وعند وصولهن إلى نقطة محددة يفترضن انها بيت العريس تفك كل من الفتاتين أيديهما لتسقط العروس على الأرض وسط قهقهة الأخريات وهرجن فتجري وراءهن العروس محاولة الإمساك بإحداهن لتمثل بدورها دور العروس.

أما عن ألعاب الكبار من الجنسين في المدينة فأنا لم أشاهد أيا من هذه الألعاب إن وجدت ولا توجد مصادر مدون فيها شيء عن هذه الألعاب وقد سألت أحد الشيوخ من أهل المدن عما إذا كانت لهم ألعاب يلعبونها فقال لي اللعب للصغار.

وأنا أعزو ندرة الألعاب في المدن بالنسبة للكبار وربما عدمها إلى سبب واضح هو: ان الرجال في المدن مشغولون دائما في متاجرهم أو مشاغلهم حيث إن بعضهم يمتهن التجارة والبعض الآخر يحترف حرفا متنوعة كالحدادة والنسيج والنجارة وتفصيل الملابس وخياطتها وبعض الحرف الأخرى التي تشغل كل وقت العاملين فيها فلا يجدون وقتا للعب كذلك النساء في المدينة لايخرجن من بيتهن إلا في حالات خاصة ولأهداف محددة وليس للرجال والنساء فضاءات متسعة تصلح لممارسة اللعب خلاف أهل البادية الذي يجدون الفضاء الواسع عند خروجهم لممارسة أعمالهم خارج بيوتهم سواء الرجال والنساء فبعد انجازهم لأعمالهم التي تنحسر في رعاية الماشية أو تفقد المزروعات بالنسبة للرجال أو الحلب والاحتطاب بالنسبة للنساء فالرجال يمارسون لعبة كورة القدة أو المعكاف والنساء النقيزة.&

موسم جني محصول الزيتون والتين ..

تكثر في ليبيا أشجار الزيتون وهي على وجه التحديد توجد في المناطق الساحلية وبعمق ثلاثين كيلو متراً جنوباً نحو الصحراء وفي منطقة الجبل الغربي وترهونة ومسلاتة وفي الأعوام الأخيرة ظهرت غراسة الزيتون في سهل بنغازي وفي بعض المشاريع التنموية في الجنوب . أما شجر التين فيوجد في مساحات محدودة أغلبها في الجبل الغربي إلى جانب أعداد ليست بالكثيرة نجدها في البساتين والمزارع على طول الساحل من درنة شرقاً إلى رأس جدير غرباً .

المربع الملون



1- من أغاني العلم :

يبرن جميع أوجاع القلب عزيز وين صوته نسمعه

2- من الأمثال :

يا مبركك يا راجل أمي لول يضربني ويخليني نبكى.

3- قصيدة البيت الواحد:

واحد كلامه مستكة وقرنفل واحد كلامه حار كيف الفلفل

4- الشتاو:

بكيات رقاق عزايم عاللّي لافارق لالايم



وإذا كان للزيتون أهمية متميزة في الاقتصاد الوطني فإن التين ليس له أهمية تذكر ولا يشكل قيمة ذات بال في الناتج القومي وهو عبارة عن فاكهة من فواكه الموسم تقدم طازجة وفي بعض الأحيان يجفف التين ويخزن لاستعماله في غذاء الإنسان في غير الموسم .

أما الزيتون فإن حبوبه يتم جنيها مع بداية النصف الأخير من نوفمبر " الحرث " بحساب السنة الشمسية وتستمر عملية الجني قرابة الشهرين وبعد تنظيف هذه الحبوب من الشوائب تنقل إلى المعصرة ليتم استخلاص الزيوت من الحبوب وتعبأ في أوعية تعد لهذا الغرض أحياناً تكون جراراً من الفخار وأحياناً أخرى تخزن في " ماجن " يعد خصيصاً بحيث لا يرشح الزيت من جدرانه .

والزيت من العناصر المهمة والضرورية التي تدخل في إعداد الطعام الليبي بصورة عامة وقد كان في الزمان الماضي وقبل اختراع الكهرباء يستخدم في الإنارة عند حلول الظلام وله استعمالات أخرى تدخل في الطب الشعبي وكذلك يستعمل كدهان لشعر النساء في البادية والمدن .

أما عن كيفية استخراجه فهي تتلخص في طحن حبوب الزيتون بواسطة رحاة عبارة عن حجر كبير يثبت وسط حوض دائري الشكل يبلغ محيطه ثلاثة أمتار تقريباً وعادة يصنع من الصاج أو ألواح الخشب الملتصقة بعضها ببعض بطريقة متقنة بحيث لا يتسرب منها المعجون وهذا الحجر يدار بواسطة دابة جمل أو بغل أو حصان قوي ثم ينقل الخليط بعد طحنه جيداً إلى مكان آخر حيث يوضع بين قطع دائرية من نسيج ذي ألياف خشنة تسمى " الشوامي " ويضغط عليه بواسطة مكبس فيخرج عصارة عبارة عن زيت مخلوط بالماء فيصب هذا الخليط في حوض مخصوص حيث يطفو الزيت فوق الماء فتتم عملية استخلاص الزيت بهذه الطريقة يوضع بعدها في أوعيته الخاصة هذا عن الطريقة القديمة التي يستخرج بها الزيت من حبوب الزيتون أما حديثاً فإنه يستخرج بواسطة معامل عصرية ـ ميكنة ذاتية التشغيل ـ لا تدخل في تشغيلها الأدوات القديمة من الماديات الموروثة .

وشجرة الزيتون في ليبيا ذات منافع متعددة بالنسبة للذين يقومون بزراعتها وهم في الغالب من أهل الريف المقيمين إقامة دائمة قرب السواحل كما أسلفنا في هذا المبحث أو من سكان الجبال القارين في قرى صغيرة حيث توجد مزارع الزيتون فهذه الشجرة تعطي إنتاجاً كل سنة في الغالب وهو الحبوب التي يستخرج منها الزيت كما قدمنا آنفاً وزيت الزيتون كما هو معروف من أجود الزيوت النباتية على الإطلاق وإلى جانب الزيت نحصل من هذه الشجرة على علف للحيوانات يتمثل في القشور والبذور التي توجد في حبوب الزيتون بعد استخلاص الزيت وهو ما نسميه " الفاتورة " .

ومن أعوادها الكبيرة نحصل على حطب للوقود ومن الأوراق الصغيرة علف آخر للحيوان هذا عندما يتم تقليم شجرة الزيتون التي يقوم بها المزارع سنة بعد سنة .

أما عن شجرة التين فلا يهتم بها المزارع كثيراً لأنها محدودة النفع ولا تزرع بأعداد كبيرة ولا في مساحات خاصة وإنما توجد بين الأشجار الأخرى كأشجار اللوزيات أو أشجار العنب وفي البساتين الصغيرة وفي حدائق المنازل .

ونجد في المأثورات الشعبية ذكراً لشجرتي الزيتون والتين فتأتي أحياناً في أمثال شعبية وأقوال سيارة وأحيانا أخرى في حكم وحكايات وحتى منظومات شعرية جارية مجرى المثل .

نجد في الأقوال السيارة تورية " الجمل عينه في الكرمة " وتشبيها " زي الكرمة المسلوب ورقها " ورمزاً " الكرمة عندها عساس " وفي الأمثال " كان الماء للسدره للكرمة أولى "" شبعة العربي على كرموسة " " مرابط الجبل ياكل الكرموس " ويخلي الحبل " حال الكرموس في الغراره والحطب فوق ناره والحوت في الجفارة " .

أما عن الزيتون فنجد " الغنى زيتونه " " الظل زيتونة " وتحديداً لموطن غراسة الزيتون نجد هذا البيت من الشعر " الزيت والزيتون في مسلاتة والزين حازنه بنات قماطة " ومعنى البيت يحدد لنا البلاد التي يكثر فيها شجر الزيتون مسلاتة أما عن الزين فيعرفنا على أنه يوجد في " قماطة" ولا يؤخذ المعنى على أنه حقيقة ثابثة وإنما هو معنى مجازي لا غير .

وفي الأمثال الشعبية " راجيني ياعمي بعشاك لين ايجي الزيت من غريان "" أكثر زيت أحلى زميته" ونقول في التشبيهات " كيل زيت" " زيت فوق الماء" " على عيون الزيت تتعدى الفيتورة " " صافي زي الزيت " " ماينزل الزيت إلا المعصار " الزيت كان تبزغ صاعب لمة.وللزيتون أنواع وأسماء قد تختلف بين منطقة وأخرى ولكن المعروف منها ما يأتي " الشملالي " وهو الغالب زراعته في المنطقة الساحلية وكثير الورق رقيقه ولا يتحمل الجفاف فإذا شح المطر تجده مصفر الأوراق وتجف أعواده سريعاً إذا كان غير مروي وحبوبه تدر زيتاً بكميات أكثر من بقية الأنواع .


وهناك نوع آخر يسمونه " الزرازي " له قدرة على تحمل الجفاف وينتج حبوب أكثر وحجم الحبة أكبر من حبة الشملالي وهناك نوع آخر وهو زيتون المائدة يسمونه " ناب جمل" وعين البقرة وهو يقدم كأحد المشهيات على مائدة الطعام يصبر بطرق خاصة ويحفظ إلى وقت الاستعمال وهناك نوع يوجد في بني وليد يسمونه " القرطومي " وعند أهل بني وليد مقولة شعبية مأثورة تقول " زيت القراطم والشعير اللاطم يخلوك تدهك على اللي خاطم " ومن الأنواع الأخرى التي توجد في وادي بني وليد " خادمي " وهو نوع له حبوب صغيرة مستديرة نوعاً وهناك نوع آخر يسمى " بياض" ذو حبات صغيرة ونوع اسمه " راسلي " ذو حبات كبيرة تشبه حبات زيتون المائدة و" قرقاشي" وهو قليل الزيت بالنسبة للأنواع الأخرى .

د . الاستعداد للحصاد :

الزرع في البادية الليبية والذي يمارسه الفلاحون إلى جانب حرفة الرعي يقتصر على زراعة القمح والشعير فقط لأنها زراعات موسمية تعتمد على مياه الأمطار وتوجد في أراض معينة كالوديان والأراضي البور ذات التربة الخصبة والمستوية طبيعياً والخالية من الأشجار التي تعوق عملية الحرث والنباتات الصحراوية التي تعرقل المحراث عند شق الأرض وتمنع النبات حيث تمتص عناصر التربة التي يتغذى عليها الزرع .

والزرع يمر بمراحل نمو مختلفة أولها خروج النبات من الأرض بعد ثلاثة أيام من دفن الحبوب في التربة وهذه المرحلة يسمونها نباتا ثم بعد أسبوعين تقريباِ يتفرع النبات إلى ثلاث أو أربع وريقات وفي هذا النمو العمري يقول عليه الفلاحون " رامي خف الذئب " وفي الأسبوع الرابع يصبح الزرع " جدر " ثم " قصيل " بعد ذلك " جاردل للسبل " وفي مرحلة تالية تظهر السنابل من أكمامها وتأتي أخيراً مرحلة النضوج فيستعد الفلاح للحصاد .

والفلاح يقول في جملة مختزلة عن الزرع " نبّت .جدّر . قصّل . كرّم . سبّل . حنى . طاب للحصاد.

وعندما يصبح الزرع ناضجاً وهذا يكون في منتصف شهر أبريل " الطير " من السنة الشمسية بالنسبة للشعير يبدأ الفلاح في الاستعداد للحصاد فيعد العدة والأدوات التي تعينه على إتمام هذه العملية على الوجه الأكمل حيث يجهز الشباك والمعالف والمناجل وزاد العمال والأواني المستخدمة في الإعاشة وهي بسيطة للغاية كذلك أوعية جلب الماء واصطحاب الحيوانات التي يستخدمها في عملية نقل السنابل من " المزرع " إلى " المجرن " والدراس فيما بعد ونقل الحبوب إلى مكان التخزين .


هذا عن الاستعداد للحصاد في البادية حيث الزراعة موسمية بعلية أما عن الزراعات المروية وهي غالباً توجد في الأراضي الساحلية وفي بعض الواحات فإن الفلاح يقوم بجني محاصيله الزراعية وهي متنوعة كلما نضجت وحان قطافها وتختلف مواسم جنيها حسب أنواعها من خضر وفواكه وبقول وغيرها .


هـ . الربيع وملاقاته :

الظهور للربيع أو ملاقاة الربيع كما يطلق عليها أهل المدن فترة زمنية تبدأ عندما يطيب المناخ ويعتدل مع بداية شهر مارس " الربيع " من السنة الشمسية ففي هذه الفترة يخرج سكان القرى والأرياف والواحات إلى أطراف الصحراء والأدوية القريبة حيث ينتجعون في تلك الربوع طيلة فصل الربيع وتستمر إقامتهم قرابة ثلاثة أشهر يعودون بعدها إلى ديار الصيف إذا كانوا من أهل البادية غير المستقرين أما أهل القرى والواحات فتكون عودتهم إلى قراهم وواحاتهم ليستقبلوا فصل الصيف ويمارسوا أعمالهم المعتادة وهي في الغالب زراعات سقوية يسمونها " عمارة" كزراعة الخضروات والمحصولات الصيفية كالقصب والذرة وأعلاف الحيوانات كالبرسيم .









موسم جني البلح:-

في ليبيا الساحل والواحات، غابات كثيفة من شجر النخيل تعد بالملايين وهي أنواع كثيرة تسمى بأسماء مختلفة سنتعرض لها في ثنايا هذا المبحث الموجز.فشجر النخيل تعتبر من أهم الأشجار المثمرة وهي تشكل مورداً مهماً من موارد العيش بالنسبة لكثير من الليبيين وهي دعامة من أهم الدعامات الأساسية في الاقتصاد الليبي قبل ظهور الثروة النفطية التي وجدت في العقد السادس من القرن العشرين فالنخلة وهي تطرح كل عام ثمارها في فصل الخريف من كل سنة تمد الإنسان الليبي بمورد للعيش يتجدد كل سنة، وجني البلح في هذا الفصل يستعد له الفلاح فيقوم بجمعه وفرزه ومعالجته بطرق شتى ثم تخزينة أو تسويقه هذا بعد أن يكون قد قام بما يصلحه ويجعل منه محصولاً وفيراً ذا جودة عالية .



فعند تفتح قنو النخلة في شهري مارس وأبريل " الربيع والطير " من كل سنة يقوم الفلاح بتلقيح النخيل بلقاح معروف يسمونه " الذكار " والعملية ذاتها تعرف " بالتذكير أو التأبير " تعاد هذه العملية مرتين أو ثلاثاً خلال أسبوعين تقريباً حتى تتم عملية التذكير هذه ثم ينقطع عمل الفلاح فيما يخص النخلة إلا إذا قام بتنظيف النخلة كأن ينزع الألياف القديمة المحيطة بجذع النخلة أو يقطع الجريد اليابس أو سقايتها أو تقليب الأرض من حولها وتسميدها بالسماد العضوي .

وهناك عملية يقوم بها الفلاح وهي ضرورية جداً يسمونها " التعكيس " تتم عادة في شهر يوليو " ناصر " قبل نضوج الثمر بشهر أو أكثر ، وهذه العملية لازمة لأنها تعين الفلاح فيما بعد وتسهل عليه جمع الثمار ، خاصة بالنسبة للأنواع الجيدة التي تحتاج عناية خاصة في جمعها ، حيث تلتقط بأصابع اليد وتوضع بعناية في وعاء خاص يسمى " مقطف " يربط في طرفه حبل ينزل به بعد امتلاله إلى الأرض فيتناوله شخص آخر يفرغه في وعاء أكبر حتى تنتهي عملية جمع الثمار من الشجرة وهكذا من الشجرة التي تليها ، مع ملاحظة أن الجمع من الشجرة الواحدة لا يتم كله مرة واحدة وإنما بعد ثلاثة أيام في الغالب عندما تنضج الثمار المتبقية في الشجرة وتستمر عملية جني البلح أو الثمر شهراً أو أكثر أو أقل حسب خصوبة المحصول وعدد الأشجار يُخزن بعد ذلك كل المحصول أو يسوق كله أو بعضه .

وغراسة النخيل والاعتماد على المحصول الناتج منه يشكل مورداً اقتصادياً مهماً بالنسبة لسكان الواحات والبلاد الساحلية وهي تحديداً من تاورغاء شرقاً إلى بلدة زلطن على الحدود التونسية غرباً أما الواحات فأهمها واحة سبها والكفرة ومرزق ووادي الشاطئ ووادي الحياة والجفرة وزلة وجالو وأوجلة وجخرة وتازربو وبعض الواحات الصغيرة المتناثرة في الإقليم الجنوبي من ليبيا .

أما أشجار النخيل فهي متعددة ويسمى ثمارها بأسماء عدة منها على سبيل المثال : الخضراي ويكثر في واحة الجفرة والارهات يوجد في وادي الشاطئ والصعيدي يكثر في واحات جالو وجخرة وأوجله والكفرة والجغبوب والقطروني في واحة القطرون وذوية والتاليس ويكثر في وادي الشاطئ .

وشجرة النخيل وهي رفيقة عمر إنسان الواحة والساحل الذي حددناه فيما سلف من الأرض الليبية كانت دائما عوناً وسنداً لهذا الإنسان في الشدائد والأزمات الاقتصادية فإلى جانب ثمارها التي يجنيها كل سنة وينتفع بها على أوجه مختلفة في معيشته فهي غذاء مفيد ونفع مالي عندما يبيعها ليصلح به حاله في أشياء أخرى .

والنخلة لا ينحصر نفعها في ثمارها فقط وإنما في أليافها التي تصنع منها حبالاً لأغراض شتى في الحياة ومنها شراب لذيذ يتأتى من معالجة النخلة بطريقة معينة يسمى " اللاقبي" ومن جمارها وفكريشها غذاء للإنسان وأيضاً من جريدها يصنع مساكن بأنماط مختلفة تقيه الحر والبرد ومن جذوعها يصنع أشياء تفيده في أغراض الحياة .

تقول عنها الأمثال والأقوال المأثورة :

" الملك نخلة والغني زيتونة " نخلة الحوش العوجة أطيح برة " نخلة الشارع ما هي لحد" " النخلة يرقوها من لوطا" " ظل النخلة ما يدومش" " وفي ثلاثية يقال: " للأشياء التي لا تدوم على حال ثلاثة " ما إيدوموش " " ظل النخلة وسبس المضفى وصحبة اللي ما عنداش كلمة " " زي حزمة الكرناف ما تتلايمش " وفي المأثور المنظوم نجد ذكراً للنخلة أحياناً وصف لهيئتها وما تحفل به من ثمر في فصل نضوج الثمر وأحياناً يأتي ذكرها للرمز وأحياناً أخرى في تلميحات وإيحاءات تشير إلى خيانات زوجية ،يأتي الرد عنها في تبيت النية على رد الفعل بما يشفي الغليل ويقطع دابر الفعل المعيب المشار إليه كما في هذا النص:

اللي سرى ناض يجبد مقماقته لقطوها

ما عاد ترمي رطب زين من بير مالح سقوها

يفيدنا قائل النص أن عامل " الجبادة " وهو من تقدم ذكره في البحث عندما تعرضنا لوصف خرفة الفلاحة سواء أكانت بعلية أو سقوية في مبحث المواسم الزراعية قام فجراً ليمارس عمله المعتاد وهي الجبادة أى استخراج الماء من البئر ليسقي المزروعات وفي هذه الأثناء جاء من غرر بزوجته ونال منها وطره كما في النص " مقماقته لقطوها" استخدم الرمز وهو هنا " مقماقته كناية عن الزوجة " لقطوها " بمعني عاشورها جنسياً ويردف قائلاً ما عاد ترمي رطب زين من بئر مالح سقوها" وهذه النخلة سماها باسم مرادف غير مستعمل إلا في نطاق ضيق إيغالاً في الرمز لا يمكن أن يستقيم أمدها فيما بعد من بئر مالح سقوها " أصبحت مزهوداً فيها حيث خانت الحياة الزوجية وخالطها الحرام "

ويأتي الرد من الجباد نفسه وهو المعني بالأغنية التي استخدم فيها الرمز لتصل الرسالة إلى صاحب الشأن دون أن يتم التشهير بالزوجة الخائنة فيقول :

"لا كأنهم لقطوها هم الخائنين المزاسر

من قعرها نقلعوها نخل رمل زلاف ياسرٍ

أي أنه بيت النية على طلاقها طلاقاً بائنا ويقول إن غيرها من النساء كثيرات

ووصف قيل في المأثور عن النخلة

"زين النخل بالعراجين وزين المرء بالسوالف

وزين الولد وازن العقل اللي كلمته ما إخالف "

فجمال النخلة كما في الشطرة الأولى من النص تكون حافلة بالثمر في فصل الخريف عندما تصبح الأقناء متدلية مليئة بالثمر الناضج .

ونجد في الشطرة الرابعة من النص التالي ذكراً للنخل أو على الأصح لجريدها الذي هو معوج في اتجاهات مختلفة بعضه متدلٍ بحذو الجذع والبعض الآخر في اتجاهات ذات اليمين وذات الشمال والبعض يرتفع إلى عنان السماء وقد استخدم تشبيها لحال من يسمع حديثاً غير مستقيم وفيه لفظ ومغالطات يقول النص:

" نشرب من العلقمي مر ونسهر من الدي ليالي

ونسمع من العبد والحر حديث كيف رؤوس العوالي "

والمعني عرض حال يعيشه قائل النص فهو يخبرنا عن حياته وكيف هي تخالطها متاعب متعددة وأحزان أليمة قاسية سببها هموم كثيرة أجبرته على شرب العلقم واستماع إلى أحاديث أخلاط من الناس قد لا يرقون إلى مستواه الاجتماعي والفكري وفي أحاديثهم هذه أفكار ساذجة تافهة ومحرجة جارحة أحياناً


المــــواســم والأعــيادالــدينية

الأعياد في ليبيا عند أهل الحضر وفي البادية، واحدة في تواريخها، متشابهة إلى حد كبير في خطوطها العريضة وملامحها العامة، مع اختلافات بسيطة في تفاصيلها وشكلياتها ، ويطلق اسم العيد على العيدين الكبير ( الأضحى ) والصغير ( الفطر) أما ما عداهما من الأعياد فتسمى : مواسم، وهي موسم ليلة النصف من شعبان وموسم السادس والعشرين من شهر رجب ، وموسم عاشوراء، العاشر من المحرم، وموسم رأس السنة الهجرية، ويوم المولد النبوي الشريف الثاني عشر من شهر ربيع الأول والاحتفال في شهر الصيام ( رمضان الكريم) وليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك.أما المواسم وأغلبها دينية فهي كثيرة ولا تدخل تحت تسمية الأعياد ولا تشترك معها إلا في كونها دينية ، منها على سبيل المثال:



النصف من شهر شعبان :

وموسم ليلة 15 من شعبان ، ويقال عنه في البادية عيد قسام الأرزاق ،ففي اعتقادهم أن الله سبحانه وتعالى يعطي لكل رزقه في تلك الليلة لمدة سنة كاملة ، وهو اعتقاد خاطئ على كل حال فالأرزاق بيده يعطيها لمن يشاء وبغير حساب وفي أي وقت يشاء وهم أي البدو يكثرون من الأطعمة في تلك الليلة ، وغالباً ما تحتوى على اللحوم ، واللحم في البادية لا يقدم في كل وجبة كما هو الحال الآن ، وخاصة في المدن ، فهم في هذه الليلة ،يكونون قد ذبحوا شاة واقتسموها بينهم بحيث يشترك في قسمتها ثلاث أو أربع عائلات ويقدمون الطعام في ليلة النصف من شعبان إلى الفقراء والمساكين متصدقين بذلك على الأموات من أفراد عائلاتهم وكأنهم يتقربون بذلك إلى الله ليزيد في رزقهم .

والاحتفال بليلة النصف من شعبان قل الاهتمام به في النصف الأخير من القرن العشرين سواء في البادية أو المدن وأصبح مجرد ذكرى عابرة يذكرونها ويتذكرون بها قرب بداية شهر الصوم الكريم .

شهر الصوم الكريم :

الاحتفال بشهر رمضان الكريم يأخذ مظاهر شتى تختلف اختلافاً بيناً بين أهل البادية وبين سكان القرى والمدن ففي البادية مثلاً وهذا قبل عقد الستينيات من القرن العشرين تستمر الحياة عادية النوم في وقته مبكراً واليقظة كالمعتاد في الصباح الباكر والقيام بالأعمال والواجبات بالنسبة للمرأة والرجل في أوقاتها المعتادة ولا يحيون لياليه بالسهر كما في المدن والقرى ولا تتنوع مأكولاتهم كثيراً كما في المدن وإن ظهر بعض التبديل في الأطعمة وما تحويه من الدهون الحيوانية وخاصة في وجبة السحور مع تغير أوقات الأكل بالطبع حيث يكون الفطور بعد غروب الشمس والسحور قبيل الفجر بقليل .

وفي البادية يتناولون التمور بعد (حل الفطر) مع الحليب ثم يقومون للصلاة لمن تجب عليه بعد ذلك يتناولون طعام العشاء وهو لايختلف عن الأيام العادية أما في السحور فتقوم المرأة بإعداد العصيدة تصب عليها السمن والعسل وأحياناً الرب بدل العسل أو السكر وكنا ونحن صغاراًنحرص أشد الحرص على حضور وجبة السحور هذه وننبه أمهاتنا على أن يوقظننا في وقتها وكنا نصوم أول اليوم ونفطر عند الظهر وفي اليوم التالي نصوم من بعد الظهر إلى المغرب ويحسب لنا أهلنا هذا الصوم على أنه صمناه باعتبار أننا صمنا أول اليوم الأول وآخر اليوم الثاني فيكون بذلك يوماً كاملاً وربما مرد هذا إلى أنهم أي : الأهل يريدون أن نتعود على الصيام .

ولا يسهر أهل البادية في ليالي رمضان كما يحدث في المدن حيث تقام صلاة التراويح في المساجد وبعد الصلاة يتجمع الأصحاب والأقرباء في بيت أحدهم للعب الورق أو حتى لمجرد السمر إلى وقت متأخر من الليل قد يمتد إلى وقت السحور وليس هناك مظاهر احتفالية تذكر مادية أو معنوية سوى الإكثار من تلاوة القرآن الكريم في المساجد والبيوت وأغلب هذه القراءات تتم في البيوت حيث يكثر الذين يحفظون القرآن في المدن والقرى وهناك من يختم القرآن كاملاً مائة وأربع عشرة سورة - عشر مرات بواقع مرة واحدة كل ثلاثة أيام .


وهناك مظهر مادي لم يعد موجوداً الآن بفعل التطور الحضاري الذي طرأ على المجتمع هو جوقة الطبالة (المسحراتي ) الذي تتكون من اثنين يقومان بالضرب على الطبلة مرددين " اصح يا نائم .... والله الدائم " وذلك من أجل إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور ، والاستعداد للامساك أي الكف عن الطعام والشراب حتى غروب الشمس و"حلان" الفطر وفي المدن تحفل مائدة الطعام بأنواع شتى من المأكولات وخاصة وجبة الفطور خلاف وجبة السحور التي تقتصر على تناول بعض الأطعمة الخفيفة كالمهلبية أو الزبادي والحليب والخشاف وخلافه أما مائدة الإفطار فهي عامرة بشتى المأكولات كالمحشيات والمشويات، والمقليات على اختلاف أنواعها والشربة المعروفة في كل بيت ليبي من بيوت المدن والقرى إلى جانب الفواكه وأصناف المشروبات وقبل الصلاة أي عند إعلان أذان المغرب يتناول الصائم حبات من التمر مع كأس من اللبن " الحليب" وأحيانا شيئاً من الخشاف أو الحلوى ثم بعد ذلك يؤدي الصائم صلاة المغرب بعدها يجلس لتناول وجبة الإفطار الرئيسية وبعد استراحة ما بين أذان المغرب والعشاء يتناول الشاي " الشاهي " والقهوة ثم يخرج لتأدية صلاة العشاء متبوعة بصلاة القيام .

وهكذا هي عادة الصيام حتى ينقضي شهر رمضان المبارك ويعقبه عيد الفطر في أول أيام شهر شوال .

وإن كان هناك شيء من التعابير والأمثال والأقوال المأثورة تقال في هذا الشهر فهي تعبر دائما عن حالات نفسية وتؤدي وظائف اجتماعية وترفيهية منها على سبيل المثال .

1-- "صام في رمضان يوم وقال قداش مازال فيه.

2-- "صام صام وفطر على جراده ".

3 - "رمضان كريم .. اللهم أني صائم .. رمضان فضيل .. رمضان بصبره ... رمضان بقسمه أو رزقه " .

ولابد لنا من تحليل هذه التعابير لتقريبها من أفهام الناس فربما تنغلق عليهم بعض معاني كلمات اللهجة الليبية فالمثل أو التعبير الشعبي " صام صام وفطر على جراده " معناه أن الذي يصبر كثيراً ويعود نفسه على قوة الاحتمال والمشاق لابد من أن ينال جزاء هذا الصبر والمعاناة وان يكافأ بما يعوض هذا العنت والتعب الشديد لا أن ينال شيئاً تافهاً لا يشبع جائعاً ولا يسد رمقه بعد يوم طويل من الإمساك عن الطعام والشراب .

أما المثل الشعبي " صام يوم في رمضان وقال قداش مازال فيه؟ " فهو مثل فيه استنكار وسخرية من سذاجة السائل ، ومحدودية الذهنية وقلة المعرفة وضيق الأفق فيوم في رمضان هو قطعاً جزء من ثلاثين فلا ينبغي أن يسأل عما تبقى من شهر رمضان وهو في بدايته.

أما الكلمات " رمضان كريم .. اللهم إني صائم .. رمضان ..برزقه ..رمضان فضيل" وغيرها من الكلمات تقال كل واحدة في مناسبتها فمثلاً عندما يقول شخص لآخر اللهم إني صائم فهذا يعني أن المخاطب قد اخطأ في حق القائل ورمضان كريم تقال في صيغة الحث على ترك الملاحاة والفحش في القول أحياناً ورمضان بصبره تعني يستعان عليه بالصبر ، ويرزق الله الصائم الصبر علي تحمل مشاقه .. رمضان فضيل تعني أن الله يرزق فيه عباده من حيث لا يحتسبون ، وهو فضيل بمعنى يكثر فيه الفضل والخير العميم ويتفضل فيه على النفس بأشهى المأكولات والمشروبات .

ويسمى باسم هذا الشهر أشخاص سواء في البادية أو المدن ،فنجد مثلاً رمضان اسم لرجل، ورمضانه اسم لامرأة.

رأس السنة الهجرية :

هذا يوم لايذكر في البادية إلاّ قليلاً .. ولا يعرف متى موعده إلاّ قلة من العارفين بالحساب العربي .. أما في المدينة فنجد من يحتفل به على نطاق ضيق ، ربما يذكرون أنه اليوم الأول من شهر محرم فيرجعون بذلك إلى أيام الإسلام الأولى هو من الشهور الُحرم التي يمنع فيها القتال والصيد.

عاشوراء

اليوم العاشر من شهر محرم ، والذي يسمى في البادية :" يوم عاشوراء " وله تقاليد جرت بها العادة منها ما يتعلق بالمأثور ومنها يختص بالماديات ،هذا اليوم أو على الأصح هذا الموسم، يستمر أكثر من يوم واحد إذ أنه في البادية يستمر من أسبوع إلى عشرة أيام ، تحيى لياليه بألعاب تسمى النقيزة .. وأغان يسمونها البراش . تقوم بها البنات الصغيرات والشابات دون الأولاد الذكور والشباب.

أما المظاهر المادية في موسم عاشوراء فتتمثل في إعداد أكلة خاصة وهي عبارة عن عصبان، مع الفول يطبخ ويصب على الكسكسي، أو يؤدم به البازين، العصبان يكون قديداً. أُعِدَّ أيام عيد الأضحى.

موسم ليلة سبعة وعشرين من شهر رجب وسبعة وعشرين من شهر رمضان

ليلة 27 من رجب هي ليلة الإسراء والمعراج ، أي الليلة التي أسريَ وعرج فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء ، فهي لها مكانة خاصة عند أهل البادية والمدن، يتناولون فيها الطعام ويتصدقون على الفقراء ويتلى فيها القرآن الكريم في المساجد والبيوت وخاصة في المدن . فهي ليلة مباركة يستجاب فيها الدعاء ، ويتقربون فيها إلى الله بالتصـدق وتلاوة القـرآن الكريم .

أما ليلة 27 رمضان فهي عندهم ليلة القدر التي ينفتح فيها باب الرزق والتوبة و باب العرش يفتح في لحظة من لحظات تلك الليلة وفي ساعة مجهولة ومن طلب شيئاً في تلك اللحظة ناله سواء أكان توبة أو رزقاً ، وتغـفر فيها الذنوب .

ويقال في التعابير الشعبية " فلان انفتحله باب العرش ، أو مجيوب ليلة القدر .. أو الدعوة جت هي وباب العرش سوا ".

المربع الملون

من أغاني العلم

" عليك ميعدو حّساد ضروك في غلا كان نافعك"

قصيدة البيت الواحد

لمع برق في تونس بديت انونّي

وأخيه ع الطماع وابدأ منىّ "

من الامثال

"اللي تلمّه النّمالة في عام يطبه الجمل في مرّه"

الشتاو :

" وين يخشولي مجموعة نحط الوشقه في المربوعه "




- أيام الحمل الأولى:


كان إلى عهد قريب، وفي ربوع البادية بالذات، لا يتفطن إلى حدوث الحمل إلا بعد أسابيع وربما شهور، وذلك عندما تظهر علامات الحمل النفسية والفسيولوجية على المرأة الحامل دونما يكون لها في ذلك إرادة، فهي دائماً تخفي حملها حتى على أقرب الأقرباء إليها مثل أختها، أو أمها، أو إحدى صديقاتها القريبات منها بالمنزلة، وربما أسرت إلى زوجها في حياء وخجل، فهي لا تستطيع إخفاء فرحتها أحياناً، حيث ستصير أماً في المستقبل، لاسيما إذا كان الحمل بكراً.

ويظل الحمل مستوراً، ولا تصرح به المرأة في بعض الأحيان مدة قد تطول إلى شهور، إلا إذا فضحها انتفاخ بطنها أو فاجأها القيء وعلامات الوحم الأخرى كاشتهاء فواكه في غير وقتها، أو طلب أشياء نادرة لا توجد في المحيط.

فالمرأة في البادية نظراً لما تتميز به من حياء وحشمة تعتبر الحمل كأنه شيء غير طبيعي يستوجب التستر والتخفي، وهذه عادة حافظت عليها النساء تقليداً لأمهاتهن وجداتهن اللائي يسمعن منهن ويأخذن بتوجيهاتهن.

والمرأة عموماً في البادية والأرياف -ونحن نستثني المدينة لأن لها خصوصيتها- تحافظ على هذه التقاليد وتمارس عادات الكبيرات في السن من النساء المحيطات بها، فهي ترتدي الملابس الفضفاضة لتخفي بطنها المتضخم، حتى لا يتفطن إلى ذلك زوجها أو أحد أقربائها، وهناك من تحافظ على سرية حملها حتى تفاجئها آلام المخاض، وكم من امرأة ولدت طفلها وهي لوحدها في الخلاء تتبع قطيعاً من الغنم أو تقوم بشأن من شؤونها الحياتية بعيداً عن الناس، ودون مساعدة أحد، وتقوم في هذه الحالة بمساعدة نفسها وتعتني بالوليد، وتقطع حتى الحبل السُري بنفسها حيث تكون قد صحبت معها موس عندما خرجت لشأنها وهي متيقنة من قرب الولادة.

والمرأة الحامل في البادية سواء في الشهور الأولى من حملها أو في قرب نهاية الحمل لا تعامل معاملة خاصة لا من حيث نوعيات الأكل، ولا من حيث تخفيف أعباء الأعمال عليها، فهي تمارس عملها اليومي بشكل معتاد، ودون تذمر أو تكاسل، وأعمال المرأة في البوادي والأرياف تعتبر شاقة إلى حد ما خلاف المرأة في المدينة التي تنعم ببعض الراحة، وتحصل على نوع من المعاملة الخاصة.


ومن تقاليد الولادة: شد حبل، وعادة ما يكون من شعر الماعز المخلوط بصوف الغنم يسمونه "ريى" يرتبط طرفه في عمود الخيمة -إذا كانت المرأة من سكان الخيام- وتمسك هي بالطرف الآخر، وتساعدها امرأة من المحيطين بها بإسنادها من الخلف، وتبذل هي جهداً كبيراً لإخراج الوليد الذي تمسك به عجوز لها خبرة ودربة سابقة في التوليد، حتى تتم عملية الولادة بسلام.

وعند تعسر الولادة نتيجة عامل الخوف الذي تحس به المرأة رهبة من الموقف وخاصة إذا كانت الولادة لأول مرة، فإن العجائز المحيطات بها يأمرنها بذكر اسم أحد الأولياء المشهورين أو النذر له بشيء معين عندما تخرج سالمة من هذا الموقف، وهنا يبرز المعتقد الذي نجده يصاحبنا في أغلب المأثورات الشعبية.

وعند خروج المولود تتلقاه القابلة وتلفه في خرقه نظيفة تكون قد أعدت مسبقاً، وتقوم بقطع الحبل السُري، وتنطلق الزغاريد إذا كان المولود ذكراً، ثم تقدم للأم التهاني على سلامتها وفرحة بالمولود، وتذبح الذبائح إذا كان والد المولود موسراً، ويكتفي "بالعصيدة" مع الزيت أو السمن إذا كان متوسط الحال أو فقيراً.

أما إذا كان المولود بنتاً فتقدم التهاني على سلامة الأم ويمسكن عن الزغاريد، وتبقى المرأة النفساء في فراشها أسبوعاً، أو أقل، أو أكثر حسب الحالات.

وتبقى المرأة النفساء أسبوعاً كاملاً دون أن تقوم بواجباتها البيتية أو الأعمال التي تخصها خارج البيت، وتقف على خدمتها أمها إذا كانت قريبة منها بالمنزل أو أختها أو إحدى قريبات زوجها، ويطلق عليها في هذه المدة عبارة: "حالة حزامها" أي غير متحزمة، بالحزام المعروف في البادية الذي تشد به المرأة عادة ملابسها لتساعدها على الحركة.

أما المرأة الحبلى "الحامل" فيشار إليها -تورية- ببعض الجمل والألفاظ مثل: "على طريق" يعنون أنها في سبيل الوضع القريب، أو "بين روحين" ومعناها في بطنها مخلوق آخر.

أو "في شهرها" وتعني أنها في الشهر الأخير من الحمل، أو بطنها على أركابها، و"على طرف" وما ذلك من ألفاظ التورية.

- تسمية المولود:

وعلى إثر ولادة المولود ذكراً أم أنثى ينشغل الأهل والأقارب باختيار الاسم المناسب، وأحياناً يكونون قد اتفقوا على الاسم قبل ولادته سواء أكان ذكراً، أم أنثى، وغالباً ما يختار له اسم الجد بالنسبة للولد أو الجدة بالنسبة للبنت، ويحضرني بيت من الشعر قاله المرحوم الشاعر عمران ديره الزنتاني عندما رزق بحفيدة، وسميت في غيابه باسم "حنان" فقال مخاطباً ابنه:

"حنان يا علي ما نعرفوش انداها *** سميتها عيشه علي جداها"

فاسم الجد أو الجدة تقليد يحافظ عليه في البادية قديماً، ويعتبرونه ذكرى عزيزة عليهم، وهناك من يسمون الولد باسم أبيه، وهذا في حالات نادرة وعادة عندما يتوفى الأب قبل ولادة الابن.

والتسمية من حق الأب وحده أو الجد إذا كان حياً احتراماً له وتقديراً، ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا إذا ورد اسم المولود المنتظر في حلم الأم أو أحد أفراد العائلة صراحة أو تلميحاً.


- السبوع:


وفي اليوم السابع على ولادة المولود، يعلن بين قريبات الأم على إقامة حفلة السبوع، وهي حفلة بسيطة لا تتعدى اجتماع النسوة والأطفال الصغار في بيت والد المولود، وتناول وجبة غداء تكون مميزة نوعاً عن باقي الوجبات في سائر الأيام، وأحياناً يذبح كبش أو خروف إذا كان والد المولود ميسور الحال، تنهض بعد ذلك الأم للقيام بواجباتها البيتية، ويقال عنها في هذه الحالة "سبعت" بمعنى أنهت أسبوع النفاس "الولادة"، وهناك من يحتفل بمناسبة بلوغ الطفل الأربعين يوماً من عمره، وهذا غالباً ما يحدث في المدن أما في البوادي والأرياف فتقتصر الحفلة على قص شعر المولود وإلباسه ثوباً جديداً، وممارسة بعض الطقوس كحرق أنواع من البخور، وبعض العزائم، والأحجبة التي تجلب له من بعض الذين يعرفون القراءة والكتابة، ويسمونهم الفقهاء، ويعلقونها في ملابس الطفل.

- السنوات الأولى من عمر الطفل:

يراقب الأب والأم والإخوة إذا وجدوا وكل الأهل والمقربون المولود منذ ولادته إلى أن يبلغ السادسة من عمره حيث يدخل في مرحلة أخرى من العمر تتبدل فيها معاملة أهله له فينظر له بعد ذلك نظرة أخرى تختلف عن نظرتهم الأولى.

فالطفل في البادية قديماً يلحق بوالده وإخوته الكبار للمساعدة في أعمالهم التي يقومون بها، وفي المدينة يلحق بالكتاب أو مساعدة أبيه في عمله الحرفي أو التجاري.

والطفل في الأربعين يوماً يبتسم في وجه من يقوم بمناغاته، ثم في الشهر الثالث تقوم الأم بترقيصه وتربيجه، وفي الشهر السادس يبلغ مرحلة التسنين ويبدأ في الحبو، في الشهر التاسع يحاول الوقوف بمسك الموجودات الثابتة في البيت، وفي نهاية السنة الأولى يحاول المشي، وينطق كلمات مبهمة هي إلى التأتاة أقرب منها إلى الكلام، وفي الثانية يتكلم بكلمات بسيطة كالنطق باسم الأم والأب وبعض الكلمات ذات المخارج السهلة، وفي السنة الثالثة يعي بعض المعاني ويتكلم بطلاقة أكثر، وحتى بلوغ الطفل السنة السادسة، يعتمد الطفل اعتماداً كلياً على والديه ومساعدة إخوته الكبار.

ولا يفوتنا في هذا المبحث أن نشير إلى أن فطام الطفل في البادية يكون في السنة الثانية من عمره تطبيقاً لما جاء في القرآن الكريم إلا إذا حملت أمه قبل مضي السنتين، فإنهم في هذه الحالة يعجلون بفطامه حتى لا يرضع لبن "الغيلة" كما يقولون.

ويعتقدون أنه يصيبه مرض من جراء ذلك، ودورة حياة الإنسان تبدأ بالنطفة يودعها الرجل في رحم المرأة ثم يتخلق علقة يصحبها مرض يعرف بالوحم تظهر أعراضه على المرأة في شكل تغيرات نفسية وفيسيولوجية، ثم مرحلة الحمل والتي تستمر تسعة أشهر كاملة إلا في أحوال نادرة، كان تضع المرأة مولودها في الشهر الثامن أو السابع أحياناً، ثم بعد ذلك تبدأ مرحلة أخرى هي فترات عمرية معروفة: السبوع، يليه الأربعون ثم مرحلة الحبو والوقوف والمشي إلى أن يبلغ الوليد مرحلة الصبا ثم البلوغ، ومرحلة المراهقة الأولى والثانية إلى أن يبلغ أشده شاباً وكهلاً، وأخيراً مسناً ومتقدماً في العمر وشيخاً هرماً ثم النهاية وهي الموت المحتوم.

هذه المراحل العمرية المختلفة في حياة الإنسان تصحبها طقوس، وعادات، وتقاليد، وأعراف، تتحدث عنها بعض المأثورات القولية، وتطبع بطابع بعض الممارسات اليومية المختلفة.

يقال عن الصبي قبل مرحلة البلوغ: "تريريس" "قائم سارحته" "يبات بروحه"..

وفي حياة الإنسان البدوي طالت أم قصرت سمات وعلامات بارزة مادية ومعنوية، هي في مجملها مأثورات شعبية، تشملها العادات والتقاليد والأعراف، منها على سبيل المثال في المأثور القولي:

"اللي ما سعي في الثلاثين *** إمن مال وإلا اعباده

العمر لا طق ستين *** تبدأ المعيشة مكاده"

والمعنى الإجمالي لهذا النص: أن السعي وراء الرزق والجد والاجتهاد يجب أن يكون في بداية مرحلة الرجولة، وليس تحديداً كما في النص مع بلوغ الإنسان الثلاثين من العمر، فالتحديد هنا مجازي ثم يذكر سن الستين، وهي سن التقاعد في نظم كل المجتمعات في كافة أرجاء المعمورة..

وفي قول مأثور آخر: "بو الثلاثين ما تصارعه، وبو الأربعين ما تدبر عليه، وبو الخمسين خوذ دبارته"..

ومعنى هذه الثلاثية: أن الذي بلغ الثلاثين من العمر يكون قد بلغ أشده من الناحية الجسمانية فمصارعته في هذه الفترة أمر فيه صعوبة، بل يحذرنا النص من الدخول معه في مباراة للمصارعة، فالغلبة له لا محالة، أما الذي بلغ الأربعين من العمر، فإنه قد بلغ قمة العقل فكراً وثقافة وخبرة فهذا لا يحتاج إلى أن تشير عليه برأي، أما الذي بلغ الخمسين من العمر فقد بلغ شأوا بعيداً من التجربة والخبرة وحسن التدبير والتصرف، فعليك بمشورته وأخذ النصيحة منه، ورأيه يفيدك في كل الأمور.


وفي عبارة انكارية تقال على من يستبد برأيه الخاطئ ويصر عليه، ويرفض آراء أصحاب الخبرة والرأي الشديد.

"لا رأي الناس يأخذه ولا رأيه يسد عليه"

ويقال لمن حباه الله ببسطة في الجسم وعضلات مفتولة وقوة خارقة، ويتصف بالكسل والتوكل على الغير، وعدم حذق أي شأن من شؤون الحياة "الصورة، والغله المحموره" والرجل في صفاته الخلقية والخُلقية، "بفتح الخاء وضمها في الكلمتين على التوالي"..

هو: طويل، وقصير، ومربوع قد، وهو جسيم ونحيف ووسيم: "جميل"، وشين، والرجل لا يوصف بالجمال كما توصف المرأة، وإنما يقال عليه "نقشه حلو للجميل، أو مخشتل للقبيح"، ومن صفاته الخَلقية أقبح: في ساقيه انحناء إلى الداخل، أو أطرق: في أخفافه ميل إلى الخارج، أو أقرج: في لسانه لثغة: لا ينطق حرف الراء، أو أفلج: في أسنانه العلوية انفراج بين الوسطيتين، وهو أهدف: في طوله انحناء إلى الأمام، وابجر له بطن بارز "كرشه"، وأصلع: خفيف شعر الرأس، وأمرد: لا لحية له ولا شارب، وتتعدد الصفات الخِلقية كثيراً، ويطول حصرها.

أما الصفات الخُلقية بضم الخاء فهي، بشوش، سمح، لين المعشر "شرهاب"، وعبوس، متجهم،: وجه شين، راكز على خشمه الشيطان، بوكشاش.

والرجل يوصف بالجود، فهو: كريم، بيت ضيف، صاحب قصعة، اللي عنده مش ليه، بوزاع، وكما يوصي الشاعر الشعبي في قوله: "كنهن زهن بوزع مع زهوتهن وأطلق إمينك وانشكر واثنى"..

والرجل: بخيل، دابه داب روحه، ما يوسع على مستضاق، قفر، جلد عراكة، إيده مكمشه، جيبه فيه عقرب، كنايات تدل على البخل والشح.

ومن كنايات البخيل "لايش"، يقول الشاعر المرحوم الغناي غنية في قصيدة شعبية طويلة، واصفاً فيها الأجواد والألياش في ثنائية رائعة:

"طارف على لجواد عندي لومه والناس تفرق كل حد وسومه

طارف على لجواد عندي برمه وعندي مع لجواد شأن وحرمه

لجواد في وقت الشدايد مرمى ** كيف المناهل في العطش معلومه

وللياش حتى الخير داير عرمه *** على افامهم ماي واخذه لعزمه

المعنى الإجمالي للنص: يفيدنا الشاعر في هذه الثنائية التي تقابل فيها الرجل الجواد والرجل البخيل "اللايش"، بأن الأجواد دائماً مقصد لذوي الحاجات، يعطون دون سؤال ويرحبون بالقادمين عليهم، وهم أي الأجواد ملاذ المعدمين والفقراء في وقت الشدائد والأزمات، أما البخلاء "للياش" فحتى في وقت الخير وانفراج الحال لا يعطون، ولم يتعودوا على البذل وفك ضائقة المحتاجين..

ونحن إذا ما تتبعنا النصوص الكثيرة، سواء في الشعر الشعبي أو الأمثال والأقوال المأثورة التي تتعلق بصفات الرجل خلقية أو خلقية، فإننا نحتاج إلى صفحات متعددة دون أن نأتي عليها جميعاً، وهذا يخرج بنا عن حجم الرسالة المحدود.

المربع الملون

1-قصيدة البيت الواحد:

"ضاق خاطري وجدد العين بكاها *** بكت لين بكت من قريب حذاها"


2- من الأمثال:

"بو دابر يحفر وبو جناح اطير"

3-من أغاني العلم:

" ليش يا عزيز أدير الصوب وأنت ناوي ع الخطا"

4- الشتاو:

"عيني ع المالح ما تابه تنزل ع اللي حلو شرابه"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأمثال الشعبية الليبية

غـــنـــــاوي وشـــتـــــاوي على ( الــــقــــــديـــــــم )

ما بي مرض غير دار العقيلة.. للمجاهد الفقيه رجب بوحويش